علاء عريبى
يقال: المهانة احتقار وازدراء
عرف اللغويون الإهانة بالاستخفاف، والاستحقار، والذل، فيقال(حسب لسان العرب لابن منظور): استهان وتهاون به: استحقره، وحسب المعجم الوسيط المهانة: الذل، فيقال: أهانه: أذله، والهوان: الذل.
وقد عرفت محكمة النقض الإهانة بأنها: كل قول أو فعل بحكم العرف فيه ازدراء وحط من الكرامة فى أعين الناس، وان لم يشمل قذفاً أو سباً أو افتراء.
وإذا عدنا للتعريف اللغوى والقانونى نكتشف أنه تضمن كلمات: «الاستخفاف، الاحتقار، الذل، الازدراء، الحط من الكرامة»، وهى فى مجملها مصطلحات مطاطة غير منضبطة أو محكمة التعريف، جميع معانيها تقديرية، وتختلف من شخص لآخر، ومن ثقافة إلى أخرى، ومن زمن إلى آخر، فما نراه تحقيراً أو مذلاً فى قرية بوجه بحرى، لا يعتبر تحقيراً فى قرية بالصعيد والعكس، وما يعتبر استخفافا فى طبقة اجتماعية يقبل ويمرر فى طبقة أدنى او أعلى.
وللأسف قانون العقوبات المصرى تضمن ست مواد عن جريمة الإهانة «49، 133، 134، 179، 184، 308 ». أهم هذه المواد وأخطرها المواد 133 التى تتناول اهانة الموظف العام والمحاكم وهيئاتها، خلال أداء الوظيفة أو بسببها. والمادة 179 الخاصة بإهانة رئيس الجمهورية بشكل عام دون تحديد فترة زمنية، والمادة 184 المعنية بإهانة مؤسسات وهيئات الدولة: الجيش، والشرطة، البرلمان، والمحاكم، والوزارات، والهيئات.
هذه المواد يجب أن نعيد النظر بها، والمفترض أن نحذف منها الكلمات المطاطة، ونضع بعض ما يتفق عليه من معانيها، كما يجب أن نلغى مادة إهانة المؤسسات والهيئات، خاصة فى قضايا النشر، فليس من المنطقى كلما انتقد الصحفيون والكتاب والإعلاميون إحدى الوزارات او أداء هيئة من الهيئات حرك أحدهم قضية اهانة، هذه المواد وضعت لتكميم الأفواه، ولتقييد حرية التعبير.
ومن المؤكد أننا جميعا نرفض السب ونطالب بتغليظ العقوبة على من يسب، لأن السب متعارف ومتفق عليه، ولن نختلف على الكلمات التى يمكن إدراجها فى قاموس السب، والقاموس المصرى ملىء بهذه الكلمات التى لا خلاف عليها، لكن ما يقلقنا جميعا الكلمات التى يمكن تأويلها، وتفسيرها وتطويعها حسبما نريد، مثل كلمة: إهانة، لأنها فى النهاية تقديرية، ما يعده البعض اهانة، قد لا يلتفت إليه البعض الآخر.
للأسف لم نعد نعرف من الذى يخطط لتكميم الأفواه وتقييد الحريات، خاصة حرية التعبير، ولا نعرف ما الغرض من تحويل وسائل الاعلام إلى أبواق تسبح بحمد النظام والمؤسسات والهيئات، وهل حظر بعض المواقع الخبرية، واحالة بعض الكتاب والصحفيين والإعلاميين لمحاكمات هى البداية إلى عصر اعلام الصوت الواحد؟، هل نحن مقبلون على صحافة واعلام حنجورية الرئيس عبدالناصر؟، الله أعلم.