صباح الخير
نبيل صديق
المصريون.. غرباء فى الوطن!!
تصفية دور الدولة فى توجيه الاقتصاد وإدارته يضرب بجذوره إلى النصف الثانى من القرن التاسع عشر يهدم تجربة محمد على بوفاته، حيث أصبحت الساحة خالية تماما أمام رأس المال الأجنبى ومعه تغيرت بنية الإنتاج الأساسى «الزراعة» وتحويله لقطاع ينتج محاصيل نقدية من أجل السوق، بينما كانت الدولة تتحكم فى إدارة الاقتصاد كانت تستطيع تنظيم تدفق المنتجات المصرية إلى الأسواق العالمية، مما يعود على الخزانة المصرية بالفائدة، ولكن بعد ضرب تجربة محمد على لم يتبق من التجربة إلا ارتباط مصر بالسوق العالمية التى أصبحت تملى شروطها على الإنتاج المصرى، وخاصة أن وقتها لم يجد القطن المصرى أمامه إلا السوق العالمية بعد إغلاق مصانع محمد على، وبغياب دور الدولة أصبح هناك فراغ ضخم فى ظل غياب تام لرأسمالية مصرية وطنية بعد ضربات محمد على القاتلة لها ومصادرة الأموال والأراضى لاستخدامها فى مشاريعه، وأيضا كان هناك فراغ آخر بعد غياب دور الدولة كممول للإنتاج الزراعى ونجح رأس المال الأجنبى فى الاختراق وتولى إدارة دفة الاقتصاد وممول الزراعة، ولعبت الضغوط الأوروبية فى توفير الضمانات القانونية لرأس المال الأجنبى المستثمر فى مصر عن طريق «المحاكم المختلطة - المحاكم القنصلية - الامتيازات الأجنبية» ونجحت الضغوط فى إجبار مصر على تغيير التشريعات بما يخدم مصالح رأس المال الأجنبى مثل تحويل الضريبة الزراعية من ضريبة عينية إلى ضريبة نقدية وتثبت ملكية الأرض لتتحول إلى ضمان يقدمه الفلاحون مقابل القروض، وبهذا تحولت الأراضى إلى سلعة جارية ومنها ظهرت الملكية الفردية.
وأيضا ملأ رأس المال الأجنبى الفراغ فى التجارة الخارجية وأصبح تصريف المنتجات المصرية فى يد الأجانب وخلقت لمصر ظروفاً تجعلها تقترض لتغرق فى القروض لتنفيذ مشروعات إنشائية لا تخدم مصر والمصريين ولكن تخدم الرأسمالية العالمية ومشروعاتها فى مصر مثل «قناة السويس - إنشاء بنية أساسية وطرق - السكك الحديدية - إقامة مدن جديدة - توسيع المدن لسكن الأجانب والأغنياء.. إلخ».
وكلها تحتاج لأموال لاستكمال هذه المشروعات وبسهولة وقعت مصر فى فخ الديون ثم تتحول الديون إلى مصالح، ثم لنفوذ سياسى داخل مصر من خلال المراقبة الثنائية ودخول عناصر أجنبية فى الوزارة ثم الاحتلال لضمان حقوق الدائنين وتحولت مصر لرهينة لضمان حقوق الدائنين.
• فخ الديون كان البوابة الرئيسية لسلب مصر استقلالها وحريتها، وفتح الباب على مصراعيه لاستحواذ الأجانب على كل القطاعات فى مصر الزراعة والبنوك والشركات والتجارة الداخلية والخارجية، فحكموا فى كل شىء وامتلكوا كل شىء وتحول المواطن المصرى إلى غريب فى وطنه، يعمل أجيراً فى بلده عند الأجانب يعيش على الفتات وأقل القليل، وحرم من العلاج والتعليم لا يجد عملا إلا الأعمال المتدنية.. «عمال تراحيل - خدم - سائقين - إلخ» وأصبح المصريون وقتها غرباء فى وطنهم!!•
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف