المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان
من الناس رجال أنعم الله عليهم بحسن البصيرة يدركون الحق من الباطل ولا يتوانون لحظة في الإفصاح عما يدور في صدورهم. عمرو بن عبسه بن عامر بن غاضرة بن عتاب من بني سليم ويكني بأبي نجيح. وكان يقيم بعيدًا عن مكة. ويعبد الأصنام كعادة أهل الجاهلية. لكن تحرك وجدانه بأن عبادة الأوثان باطلة. حاول أن يدفع هذا الخاطر لكن بلا فائدة. فأخذ يردد القي في روعي أن عبادة الأصنام باطلة. فسمعني الرجل وأنا أتكلم بذلك فقال يا عمرو. بمكة رجل يقول كما تقول. فلم يتوان لحظة وأقبل علي مكة يسأل عن هذا الرجل لكن هناك من أخبره بأن هذا الرجل مختف ولا يستطيع لقاءه إلا بالليل أثناء طوافه بالبيت. فصمم عمرو بن عبسه علي تحقيق هدفه وظل جالساً في البيت بجوار الكعبة لعله يلتقي هذا الرجل.
في سعي دائم وتصميم لا يعرف اليأس نام عمرو بن عبسه بين الكعبة وأستارها وبينما هو علي هذه الحالة سمع صوت هذا الرجل يهلل الله فخرج. اليه ودار بينهما الحوار التالي:
عمرو: من أنت؟
محمد بن عبدالله: أنا رسول الله
ـــ بم أرسلك؟
ـــ بأن يعبد الله ولا يشرك به شيئاً. وتحقن الدماء وتوصل الأرحام.
ــــ ومن معك علي هذا؟
ـــ حر وعبد
بعد هذا الحوار تسلل نور الإسلام إلي قلب عمرو فقال للرسول صلي الله عليه وسلم: ابسط يدك أبايعك. فبسط يده فبايعته علي الإسلام وشاءت الأقدار أن يكون عمرو هو رابع أهل الإسلام فقد تقدمه ثلاثة.
بعد هذه المبايعة سطع نور الإسلام في وجه عمرو. وتنقل كتب السيرة والتراجم ان عمرو قال لرسول الله صلي الله عليه وسلم هل أقيم معك بمكة يا رسول الله؟ قال: لا ولكن الحق بأهلك فإذا سمعت أني قد خرجت فاتبعني.
امتثل عمرو بن عبسه ولحق بقومه.. وظل ينتظر ويترقب واستمر علي ذلك زمنًا طويلا والآمال تتردد في صدره عسي أن يأتيه الخبر فينطلق إلي المكان الذي به الرسول صلي الله عليه وسلم. وفي هذه الأثناء التقي ببعض الرفقاء من أهل يثرب فسألهم عن خبر الرسول وهل خرج إلي يثرب؟ فأكدوا له أن الرسول خرج من مكة إلي المدينة. أعد عمرو عدته وأخذ راحلته وسار إلي المدينة وهناك التقي برسول الله صلي الله عليه وسلم وكانت فرحته شديدة وظل يترقب حتي التقي برسول الله صلي الله عليه وسلم فسأله قائلاً هل تعرفني؟ قال صلي الله عليه وسلم: نعم أنت الرجل الذي اتيتنا بمكة. وقد امتلكت الفرحة والسعادة وجدان عمرو فأقام بالمدينة وصار من سكانها يتابع رسول الله صلي الله عليه وسلم ويترسم خطاه ثم انتقل بعد ذلك إلي الشام.
هذا الرجل الذي استقر نور الإيمان في قلبه أدرك بفطرته التي فطره الله عليها ان عبادة الأوثان ضلالة وجهل فأخذ يبحث عن الحقيقة حتي اهتدي إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصبح من أصحابه ليس هذا فحسب وانما صار من السابقين في الإسلام. ذلك هدي الله يهدي به من يشاء من عباده. هذا الرجل روي عنه كبار الصحابة. فقد روي عنه أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: عبدالله بن مسعود. وأبو أمامة الباهلي وسهل بن سعد الساعدي ومن التابعين: أبو إدريس الخولاني وسليم بن عامر وكثير ابن مرة وعدي بن أرطأة وجبير بن نفير وغيرهم. وهذه من نعم الله التي أفاء الله بها علي عمرو بن عبس حيث من أصبح من رواة أحاديث الرسول وأقواله ينقلها إلي أصحاب الرسول بصدق وأمانة ودقة تقديما لكل أقوال تصدر عن سيد الخلق بورع وحسن تصرف فعن عبدالرحمن بن يزيد انه سمع عمرو بن عبسه يقول: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورًا يوم القيامة ومن رمي سهمًا في سبيل الله فبلغ العدو أو قصر. كان له عدل رقبة. ومن أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله تعالي بكل عضو منه. عضوًا من المقبض من النار أخرجه الإمام أحمد في مسند.
حقًا انها حكمة الله يصيب بها من يشاء من عباده.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف