عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. أعشق الإسكندرية.. وأخشى أبراجها!
أعشق الإسكندرية شتاءً.. وأهرب منها صيفاً.. أو ألتزم بيتى فى المعمورة بسبب نظافتها وهدوئها وجمالها.. وأمنها.. وفى كل مرة أدخل حارة لا يزيد عرضها على ثلاثة أمتار، أو أربعة أمتار أتعمد الخروج منها- بأسرع وقت- خشية انهيار أحد أبراج الحارة... وكل مبانيها بين 12 و15 طابقاً، على الأقل.
وبسبب عشق الناس للبحر، حتى إن أى إعلان عن أى شقة تجد عبارة: «وترى البحر»!! ولذلك فإن سعر متر الأرض ليس على الكورنيش مباشرة.. بل فى كل الشوارع خلف هذا الكورنيش- وكلها حارات وشوارع شديدة الضيق والاختناق- يقدر بعشرات الألوف من الجنيهات- وارتفاع ثمن أرض البناء أدى إلى بناء هذه الأبراج.. وشاعت، حتى إن لم تكن.. ترى البحر..
<< وجاء على الإسكندرية حين من الدهر أغمضت السلطة عيونها عن تجاوز أى ارتفاعات فى المبانى.. وبالذات بعد موجة الانفتاح أوآخر السبعينيات.. ولكنها زادت فى السنوات العشر الأخيرة.. وهكذا وجدنا شققًا مساحة الواحدة تدور حول 50 أو 60 متراً، وغرفة واحدة «ترى البحر من بعيد» وباقى المساحة تطل على المناور أو على الحارة الخلفية.. ورغم أننى أرفض سياسة التصالح مع مخالفات البناء- مهما كانت الأسباب- خوفا على حياة السكان.. وحياة المارة أيضا، مع العلم أن الاسكندرية نفسها- كانت زمان- مشهورة بالتزامها بالارتفاعات المحددة.. ولكن هذا، كان زمان..
<< وتحولت هذه الأبراج- كلها- إلى ألغام جاهزة للانفجار. هنا أمام المحليات- والله يرحم المجلس البلدى للإسكندرية زمان- أن تقوم بحملة قومية من مسئولين بعيداً عن المسئولين الحاليين بالإسكندرية- تقوم بحصر ودراسة ملف كل عمارة على حدة.. خصوصًا تلك التى أنشئت طوال العشرين سنة الماضية وهى فترة زادت فيها ظاهرة الفساد العشوائى فى المباني.. وبدأ فيها ظهور هذه الأبراج. وأقول ابتعدوا عن أى مسئول سابق أو حالى فى أحياء الاسكندرية لأن فيهم «الملطوط» وفيهم من فتح درج مكتبه الشمال، وفتح مخه.. ليحصل على مئات الألوف من الجنيهات مقابل الموافقة على البناء.. والحصول على عدد من الشقق، وليس شقة واحدة!! لتمرير العملية القذرة..
<< ومن المؤكد أن العمارة أو البرج الذى استراح على برج أمامه أحد هذه المخالفات.. فلا أساسات علمية تحتها ولا مواد بناء سليمة.. ولا حتى الالتزام بكود بناء الأبراج.. أما الكارثة فتتمثل فى تصريح لبناء 5 طوابق.. ولأسباب عديدة ترتفع الطوابق.. لتتجاوز العشرة وربما تصل للعشرين. وأتمنى أن أعرف كيف تميل عمارة بهذا الشكل.. هل لغياب أى كود علمى للبناء وغياب عمل أساسات وخوازيق كافية.. أم أن التربة رخوة رغم أن مساحات كبيرة من الإسكندرية تحتها خزانات مياه كبيرة من العصور البطلمية والرومانية والقبطية.. وأيضا الإسلامية.. وليست فقط مناطق الاسكندرية القديمة حول الميناء الشرقية وحتى السلسلة حيث اسكندرية البطالسة..
<< بل أتمنى أن تصل أيدى هذه اللجنة إلى الأبراج التى تم التصالح بشأنها لبحث مدى سلامتها.. قبل أن ينتهى اسم الاسكندرية التاريخى لتصبح «مدينة الأبراج المائلة» حتى إن مساحة أى فيلا قديمة يتم تقسيمها لبناء برجين أو أكثر، على نفس مساحة الفيلا.. دون أى مراعاة لقدرة شبكات مياه الشرب.. والصرف... والكهرباء.. وغيرها. ولا يهم هنا مشاكل اختناقات المرور وغياب الجراجات فتحولت الحوارى إلى جراجات ما زاد الاختناق..
<< وربما نسى الكل قيمة حياة الناس.. المقيمين فوق هذه الألغام، أقصد الأبراج المائلة!!