اليوم السابع
عباس شومان
وقولوا للناس حسنًا
الإنسان مدنى بطبعه كما يقال، وكثرة تعاملاته اليومية تحتم عليه الاحتكاك بطوائف من الناس، مختلفى الأفهام والأخلاق، يسمع الحسن وغيره، ويرى ما يستثيره؛ فتأتى هذه القاعدة لتضبط علاقته اللفظية.

إن هذه القاعدة القرآنية تكرر ذكرها فى القرآن فى أكثر من موضع، إما صراحة أو ضمنا: فمن المواضع، التى توافق هذا اللفظ تقريبًا قوله تعالى: (وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن) وقريب من ذلك: أمره سبحانه بالإحسان فى مجادلة أهل الكتاب، فقال سبحانه: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن)، أما التى توافقها من جهة المعنى فكثيرة لا يحتمل المقام حصرها.

ومن اللطائف فى هذه الآية أن هناك قراءة أخرى بفتح الحاء والسين (وقولوا للناس حَسَنًا) قال أهل العلم: والقول الحسن يشمل: الحسن فى هيئته، وفى معناه، ففى هيئته: أن يكون باللطف، واللين، وعدم الغلظة والشدة، وفى معناه: بأن يكون خيرا، وكل قول خير فهو حسن.

إننا نحتاج إلى هذه القاعدة القرآنية الربانية فى حياتنا، خاصة أننا نتعامل مع أصناف مختلفة من البشر، فيهم المسلم وفيهم غير المسلم، وفيهم الصالح والطالح، وفيهم الصغير والكبير، بل ونحتاجها للتعامل مع أخص الناس بنا: الوالدين، والزوج والزوجة والأولاد، بل ونحتاجها للتعامل بها مع من تحت أيدينا من الخدم والعمال.

والقرآن أحيانا يعطى الأمر مجملا وأحيانا يفصله، فمن تفصيل هذه القاعدة القرآنية قوله تعالى فى الإحسان إلى الوالدين: (ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريمًا)، وقال فى التعامل مع السائل: (وأما السائل فلا تنهر)، ومن ثناء الله تعالى على عباد الرحمن قوله: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)، قال ابن جرير رحمه الله فى تفسير الآية: ( وإذا خاطبهم الجاهلون بالله بما يكرهونه من القول أجابوهم بالمعروف من القول والسداد من الخطاب)..

إن أصحاب المذاهب الباطلة يحرصون على تطبيق هذه القاعدة؛ من أجل كسب الناس إلى مذاهبهم، فيخدعونهم بمعسول القول، أفليس أهلُ الإسلام أحق بتطبيق هذه القاعدة، من أجل كسب الخلق إلى هذا الدين العظيم، الذى ارتضاه الله لعباده؟!
إن مما يؤسف عليه أن يرى الإنسان كثرة الخرق لهذه القاعدة فى واقع أمة القرآن، وذلك فى أحوال كثيرة منها: - فى التعامل مع الوالدين. - فى التعامل مع أحد طرفى الحياة الزوجية. - مع الأولاد. - مع عموم الناس.

وعلى من ابتلى بسمع ما يكره أن يحاول أن يحتمل أذى من سمع منه، وأن يقول خيرًا، وأن يقول السفه بالحلم، والقول البذىء بالحسن.
إن الواجب على المسلم ألا ينطلق لسانه للناس جميعًا إلا بالخير والمعروف.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف