علي الشاشة يأتيك مشهد وأنت جالس في حالك.. فتحولك إلي حال آخر.. فتجد نفسك تبتسم لنكتة أو تحزن لموقف أو ترتاح لحاله ربما هي إخلاص.. ثقة.. وفاء أو احتواء.. وتختلف ردود أفعالنا حسب ما عشنا وبناء علي ما تربينا عليه.. فأنت تبحث عن وظيفة.. لكن بداخلك من الرضا بالحال والفرحة للآخر ما يجعلك تنشرح صدرا لان بطل المسلسل عثر علي عمل بعد معاناة.. ونحن نضع أنفسنا دوما محل شخصية ما من العمل الذي نتابعه. وهذا اكثر ما يدفعنا للتفاعل. فأنت عزيز علي روحك بالقدر الذي يجذبك لمن يشبهك في الظروف. وحب الذات ليس ترجمة للأنانية.. انه ما قاله يوسف السباعي "إلي أعز الناس.. نفسي. ومن قال غير ذلك فهو غير صادق". فحبك لذاتك هو الذي يجري بك للطبيب حين تمرض ويحث يدك لتضع الدواء في فمك.. وعشقك لك هو الذي يسقط الدمع من عينيك وانت تقرأ ابياتا من شعر تستدعي ذكريات.. أو تسأل نفسك هل عشت يوما هذه المشاعر.
فالجنس اللطيف كان اكثر احساساً بأداء فاتن حمامة وهي تحب وحين تجد الحب.. وكيف يقدمه لها الحبيب. فمعظمهن يفتقدن نفس الأحاسيس اللاتي يتابعنها بشغف.
صغيرة علي الحزن
وهذه الأيام شاهدت إعادة لمسلسل "آسيا" الذي بثته الشاشة رمضان الماضي. المقدمة الموسيقية محملة بأحزان ستشعرها من الوهلة الأولي للبطلة التي صار إسمها "ورد". وهي ككل الورود الصغيرة التي تعيش التفكك الأسري والتباين الواضح بين أب وأم. فتظهر في الصورة طفلة تمسك بالوناتها الملونة ترفعها كما تظن للسماء.. فيهبط عليها من أعلي مقص.. ليجتث كل الخيوط فيسقط البالون ومعه ضفيرتها ستسقط دموعك أو يوجعك قلبك.. حيث قتل الحلم ووأد السعادة واغتيال الفرحة من علي شفاة طفلة.. تكمل الحياة بغير حياة.. ترتدي أحدث الموضات.. تقيم الحفلات تتزوج.. تنجب والدنيا حولها ببرودة ثلوج.. يتجمد داخلها زوج يحبها علي طريقة : "Snow man" رجل الجليد الذي حكوا لنا أنه علي موقعه لايتحرك ولا يقدم لكنه هنا "يأخر".
ويبقي .. الحزن
ومع الضفيرة والاحلام.. تأتي أنات البطلة وكأنها كل نساء العالم أو العالم الذي نعرفه.. ومعهم تصرخ الأنثي صرخات عميقة موجعة تستفزك وتهزك برفق مؤلم.
وفي المسلسل تتوه الزوجة وتصدمها سيارة.. أو تخبطها الدنيا بزيادة.. فتنسي نفسها وتفقد ذاكرتها لتتحول إلي راقصة.. أو تراقص الأيام وتترنح دون حاجة لشراب.
لنفيق كلنا علي واقع مشمول النفاذ.. ويلح السؤال.. المرأة المعذبة هل تكمل أو تتوقف. وما الأفضل للأبناء.. مشاكل وخلافات. أو طلاق صادم لايتم لدنيا بالحسني. فالرجل الذي لم يجد فن احتواء الزوجة. كيف له أن يحترم أصول طلاق.
وتظل ورد.. بعد أن عثر عليها أهلها وأخذوها الي بيتهم.. فاقدة القدرة علي الاحساس بالزوج.. بعد أن انتهي احساسها بذاتها.. فلا هي عادت ولا بقيت علي.. رقصها.