جلال دويدار
محاصرة حكام قطر لدرء تآمرهم وعمالتهم
في النهاية لم يكن هناك مفر من هذا الاجراء المؤلم الصعب.. بقطع العلاقة والتعامل مع النظام الحاكم الذي ابتليت به دولة قطر العربية الشقيقة. الإقدام علي هذه الخطوة من جانب مصر والسعودية والبحرين والامارات وليبيا وجزر المالديف ومورشيوس ودول عربية أخري لم يكن بالأمر السهل في إطار ما يربطها بقطر والشعب القطري الشقيق.
لا جدال ان النظام الحاكم القطري المريض الموتور المتآمر العميل وإمعانه في إلحاق الضرر بالأمة العربية وشعوبها من خلال ممارسة كل أنواع العدوان الفاجر عليها.. كان وراء اتخاذ هذا القرار الصعب. كان لابد أن يأتي هذا التحرك الذي يستهدف محاصرة هذه السلوكيات المجنونة التي أصبحت فوق كل إحتمال. اتخاذ هذا القرار جاء بعد فشل كل محاولات اصلاح ومعالجة سقطات هذا الحكم القطري.. لم يكن خافيا ان هذا الانحراف الذي استهدف ضرب المصالح العربية بدأ منذ ولاية الحاكم السابق حمد بن خليفة والحاكم الحالي إبنه تميم بن حمد. كان أحد هذه المبادرات ما بذلته دولة الكويت الشقيقة بناء علي طلب غير صادق وغير آمين من جانب تميم الذي يصر علي إهدار ثروة الشعب القطري في تدبير المؤامرات لتخريب ونشر القلاقل في كل الدول العربية.
في هذا الشأن تجدر الاشارة إلي أن أهم ما تتميز به الاستراتيجية السياسية لمصر ورئاستها.. استنادها إلي مبادئ ثورة ٣٠ يونيو . هذه المبادئ تتمثل في عدم التدخل في شئون الغير والالتزام بعفة اللسان في تعاملاتها. إنها تضع نصب الأعين دوما مصالحها ومصالح الطرف الآخر فيما تتخذ من قرارات وإجراءات دون أي تجاوز ودون اخلال بالمواثيق وأحكام الشرعية الدولية. هذه الصورة المشرفة كانت واضحة وجلية في التعامل الرسمي مع خروجات وتجاوزات وعدوانية النظام الحاكم القطري طوال سنوات حكم حمد ومن بعده تميم حتي فاض الكيل وطفح.
علي مدي سنوات من تعمد الإساءة والاضرار بالدولة المصرية حرصت القيادة المصرية علي ألا يصدر من جانبها أي رد فعل رسمي تجاه هذه السلوكيات تجنبا لتعارضها وتناقضها مع كل أواصر الأخوة والمصير الواحد. الالتزام بهذا التوجه يعكس عظمة وشموخ مصر وعدم إلتفاتها لصغائر الصغار الذين يتناسون الحجم والقيمة والوزن التاريخي. لا توصيف لكل ما كان يحدث سوي أن الوقت قد حان لأن يؤمن الجميع بأن الكبير كبير وأن الصغير سيبقي صغيرا تافها بتصرفاته حتي لو امتلك مال الدنيا.
هذه الاستراتيجية التي تتبناها مصر المحروسة ليست سوي تعبير عن التزامها بمسئولياتها الوطنية والقومية تجاه شعبها وأمتها العربية. إنها دائما وابدا وعلي مدي تاريخها مع كل ما يحقق الصالح القومي العربي.. هذه الثوابت كانت دافعها الي اتخاذ قرارها الأخير بمقاطعة النظام الحاكم في قطر.. حفاظا علي مصالحها الوطنية والقومية وتضامنا مع الدول العربية الشقيقة بعد أن تصاعد الإمعان في تآمره الذي فاق كل الحدود. من المؤكد إن ما أقدمت عليه مجموعة الدول العربية ما هو إلا مقدمة لأحداث جسيمة سوف تشهدها قطر من أجل إعادتها إلي الصف العربي.
ليس من تعليق علي هذه التطورات المتسارعة علي الساحة العربية سوي انها تأكيد لمصداقية وجهة نظر مصر وسلامة مواقفها. لم يكن غريبا وعلي ضوء ما تمثله الدولة المصرية من مكانة وقيمة للعمل العربي المشترك أن تحظي الاضرار بمصالحها بأولية التأمر القطري. جري ذلك باعتبار ان التوصل لأمل اضعاف مصر وشغلها عن امتها العربية.. يحقق هدف القوي المتربصة المتآمرة التي تعمل ضد المصلحة العربية العليا.