محمد نور الدين
من الآخر .. "ألغام".. فوق الأرض..!!
قدر مصر.. أن تنتهي من موقعة حاسمة.. لتبدأ حملة ضارية.. وأن تخرج من حرب ضروس.. لتدخل أخري أشد حمية وضراوة.. وبفضله سبحانه وتعالي.. يكتب لها الانتصار المؤزر والنجاح الباهر.. لأن النية "صافية".. والهدف غال.. والصالح عام.. وكله من أجل إقامة مجتمع الأمان والاستقرار.. والوصول للعدالة الاجتماعية بين كافة الفئات وجميع التيارات.
بعد أن قاربت الحملة ضد "مافيا سرقة الأراضي" من تحقيق أهدافها.. وعودة معظم الأملاك المنهوبة إلي الشعب.. وقبل أن تلتقط جميع الهيئات والمؤسسات أنفاسها.. عليها الاستعداد فوراً لخوض الحرب التالية.. ومواجهة "امبراطورية البناء العشوائي".. فلم يعد هناك شارع في مصر يخلو من عشرات المساكن المخالفة..!!
لقد زحفت العقارات المتصدعة.. وانتشرت المباني الآيلة للسقوط.. وتوغلت الأبراج المائلة.. ليضرب جميعها أرقاماً فلكية.. تهدد حياة الآلاف من الأبرياء.. ولم تكن عمارة "الأزاريطة" الأولي.. ولن تكون الأخيرة.. التي أقامت الدنيا.. والمفروض ألا تقعد.. قبل أن يتم معالجة الأوضاع الراهنة والخطيرة.. بفكر عال.. ودراية وكفاءة ومهارة.
المتورطون.. كثيرون في تلك الكوارث.. أشدهم جرماً.. مهندسو الأحياء.. الذين باعوا ضميرهم للشيطان.. وتنازلوا عن ذممهم للمقاولين الغشاشين.. يليهم رؤساء الأحياء المتقاعسين عن المتابعة والرقابة.. يشاركهم الملاك الطماعون.. والباحثون عن الثراء حتي ولو فوق جثث الناس..!!!
"الانتظار" لم يعد يجدي.. بل لابد من الإسراع بتصحيح "العوار" في ملف البناء.. واتخاذ خطوات عملية وفق خطة مدروسة وعاجلة.. تبدأ بحصر العمارات الآيلة للسقوط وإزالتها فوراً.. ثم مراجعة التراخيص الصادرة منذ يناير 2011 حيث شهدت تلك الفترة إقامة آلاف العمارات المخالفة.. يعقبها تحويل المسئولين عن إقامتها لمحاكمات سريعة.. سواء أكانوا مهندسين مرتشين.. أم مقاولين غشاشين.. أم ملاكاً متلاعبين..!!
التصالح فقط.. مع العمارات المتوافر لها الاشتراطات الهندسية.. والمستوفاة للقواعد القانونية.. ولا تمثل أي خطر علي سكانها.. مع ضرورة التصدي للمخالفات المستقبلية بحسم صارم وعقاب رادع.
استبعاد المحليات نهائياً من إصدار تراخيص البناء.. أهم خطوة فعالة تحد من الظاهرة الكارثية.. ويكفيها ما تعانيه من فساد.. ولابد من الإسراع بإصدار قانون البناء الموحد.. كي تسد بنوده كل الثغرات التي يتسلل منها المخالفون.. وتقضي علي البيروقراطية التي يستخدمها المهندسون لدفع كثير من الناس إلي المخالفة والتحايل..!!
إنها حرب جديدة.. ينبغي أن تخوضها الدولة ضد "الألغام" المزروعة فوق الأرض.. ويجب أن تسارع بإبطال مفعولها والعمل بمنتهي الجدية علي تطهير المدن منها.. فقد باتت العقارات المخالفة تهدد حياة الآمنين.. وتنذر الناجين منهم بتبديد ممتلكاتهم والإطاحة بهم إلي الشوارع.. وهذا لا يرضي أبداً "دولة الكرامة والإنسانية.. والعدالة الاجتماعية"..!!