جمال قطب
القضاء «مسئولية ــ مبادئ ــ رجال ــ مهارات» 13ــ من ضمانات العدالة ج- التزامات الدولة
ــ1ــ
تلتزم الدولة التزاما شرعيا وقانونيا بتحقيق العدالة، وليس ذلك شعارا بل هو حقيقة لابد أن تظهر فى سياسات الدولة وسلوكها. فبادئ ذى بدء تلتزم الدولة بتوفير مرفق العدالة توفيرا متكاملا، فلابد من إقامة المحاكم قريبة من المواطنين قربا لا يجعل وصول المتخاصمين مرهقا ولا مكلفا، فلابد أن تكون المحاكم فى وسط المدينة على مقربة من الطرق العامة ومن حركة المواصلات، فموقع المحكمة شرط مهم. وكما ينبغى توافر أسباب الراحة داخل مبنى المحكمة فلا يتزاحم المتخاصمون ولا يسبق بعضهم بعضا. كما ينبغى توفير العدد اللازم من القضاة فيكون فى المحكمة أكثر من دائرة، إذ كلما اتسعت الأحوال وزادت المعاملات زاد معها نسبة النزاع، فأقل ما يجب أن توفر الدولة لكل مليون مواطن مائة دائرة = 300 قاض ابتدائى ومعهم 150 قاضى استئناف فضلا عما لا يقل عن 50 قاضى نقض، ففى حالة مثل مصرنا الآن يجب ألا يقل عدد القضاة بين ابتدائى واستئناف ونقض عن 50,000 قاض حتى لا تتعطل العدالة ولا يرهق القضاة، فعمل القضاة عمل مرهق يتحملون فيه مسئولية وصول جميع الحقوق إلى أهلها.
ــ2ــ
ومع أعداد المحاكم وتوافر القضاة يجب أن يوسع على القضاة فى رواتبهم حماية لهم من الرشوة، وتمكينا لهم من الرضا بالعمل فلا يشغلون قلوبهم وعقولهم بمسئوليات استثمار أو بيع أو شراء. فكل ذلك يؤثر تأثيرا مباشرا على قدرة القاضى على القيام بواجبه، لأن القاضى محظور عليه أن يتعامل مع الخصوم الذين قد يعرضون عليه، لذلك فلابد من تحصين القضاة ضد اضطرارهم للتعامل مع العامة بيعا وشراء ومبادلة، كما ينبغى ألا يتواجدوا فى الأندية والأماكن العامة فى دائرة عملهم منعا للتأثر والتأثير.
ــ3ــ
ولا ينبغى أن يرهق المواطن ليحصل على حقه فى عدالة ناجزة، فأبسط وأهم قواعد العدالة أن يكون اللجوء إلى المحاكم مجانيا كامل المجانية، وإذا كان ولابد فلتكن رسوما رمزية لا تثقل على أصحاب الدخول القليلة. وكذلك فإن توافر العدد الكافى من القضاة يقلل من عدد مرات حضور الخصوم إلى المحكمة. وإذا عجز الخصم عن تكلفة الحضور إلى المحكمة يحق له الحصول على قيمة المواصلة التى يستخدمها من خزانة المحكمة، وكذلك إذا عجز عن توكيل محام تقوم المحكمة بتكليف أحد المحامين ليترافع عنه.
ــ4ــ
من واجبات الدولة نحو العدالة الناجزة أن توفر لكل محكمة الأثاث اللازم لممارسة نشاطها سواء قاعات الجلسات أو غرف المداولة أو أرشيف المحكمة الذى توضع فيه أوراق القضايا بما فيها الوثائق والشهادات، ومع توفير كل تلك الأدوات ينبغى توفير العدد اللازم من أعوان القضاة ما بين المحضرين/ الحاجب/ الكتبة/ حفظة الأوراق والسجلات/ المترجمين/ الحراسة اللازمة لمرفق المحكمة بصفة عامة ولغرفة الحفظ بصفة خاصة تأمينا للمستندات والوثائق.
ــ5ــ
كذلك فإن من أكبر الواجبات المالية على الدولة واجب ومسئولية ضمان عدم خطأ القاضى، أى أنه إذا حكمت إحدى المحاكم بحكم وتم تنفيذه ثم تبين خطأ هذا الحكم، فمن المسئول عن تعويض المضرور؟ إنها خزانة الدولة تتحمل جميع ما ترتب على خطأ القاضى حتى يطمئن الجميع على حقوقهم. فهذه أبرز الواجبات المالية التى يجب أن تتحملها الدولة وتدرجها ضمن موازناتها وترسل إلى خزانة كل محكمة بما يمكنها من مباشرة عملها.
يتبع