وقد عبَّر عنها الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف فى خطبة الجمعة وترجمها اللواء فيليب زخارى قائد لواء الصواريخ فى حرب أكتوبر 73 بقوله أنه صام فى رمضان مع ضباطه وجنوده المسلمين رغم وجود فتوى بجواز الإفطار فى رمضان فى حالة الحرب، ولكن ضباطه وجنوده أصروا على الصيام فتوحد معهم وصام وهو المسيحى الذى لا صيام له فى رمضان، ولكنها مصر المؤمنة التى تضم مواطنيها المسلمين والمسيحيين فى مشاعر التسامح الدينى الرائع الذى عشناه نحن أيضاً فى جميع مراحل حياتنا بدءاً بمعيشة الأستاذ المسلم مع الأستاذ المسيحى فكان الدكتور زكريا البرى يقيم فى بيت واحد بالعاصمة السوادنية أثناء ا لعام الدراسى بجامعة القاهرة فرع الخرطوم مع زميله المسيحى الدكتور ثروت حبيب، وكانا يأكلان معاً ويخرجان معاً الى شوارع الخرطوم، فإذا سمعا صوت الآذان أستاذنا الدكتور زكريا البرى فى دخول المسجد للصلاة وينتظره الدكتور ثروت حبيب فى خارج المسجد الى أن ينتهى من الصلاة ويتابعان سيرهما حتى إذا ما يصادف وخرجا يوم الأحد صباحاً ووصل الى الكنيسة فإن الدكتور ثروت حبيب يستأذنه للدخول الى الصلاة وينتظره الدكتور زكري البرى خارجها حتى يخرج إليه ويتابعان المسير لشئونهما حتى يعودا الى استراحة جامعة القاهرة المسماة سفينة ويذهبان معاً للمحاضرات التى كانت تبدأ فى المساء، حتى انتدب الأستاذ الدكتور زكريا البرى الى جامعة المنصورة ولحقه الدكتور ثروت حبيب الى أن توفاهما الله سبحانه وتعالى ضاربين المثل الصادق فى التسامح بين المسلمين والمسيحيين.
وعندما ذهبنا الى جامعة ستراسبورج على شاطئ نهر الراين بين فرنسا وألمانيا، قادتنى قدماى الى نادى طلاب الجامعة وقابلنى الشاب فكرى المسيحى الطالب فى كلية الصيدلة وأصبح لا يفارقنى الا عند رجوع كل منا الى بيته حتى حل علينا شهر رمضان وفكرنا فى تدبير مكان لأداء صلاة العيد، وذهب معى الى سكرتير عام الجامعة نطلب منه السماح لنا بأداء الصلاة فى إحدى صالات الجامعة الكثيرة، فاعتذر خوفاً من أن تصبح هذه سابقة يطالب بها أصحاب الديانات المختلفة، ولكنه أرشدنا الى كنيسة بروتستانتينية قريبة من الجامعة ويرعاها شاب متنور سوف يدبر لنا صالة لصلاة المسلمين فى عيد الفطر، وذهبنا فعلاً للكنيسة فى طريق الفورن نوار واستقبلنا راعيها بالترحاب بشرط أن نخلى الصالة من المقاعد والمناضد وساعدنى فكرى المسيحى فى تلك العملية الشاقة دون أن يتزمر ضارباً المثل فى التسامح الدينى الذى تعايش فيه وزير الأوقاف الأسبق زكريا البرى وثروت حبيب الذى تم تعيينه عميداً لكلية حقوق المنصورة دون أى حساسية بين عميد مسلم وعميد مسيحى فى كلية القانون.
إنها مصر الطيبة المتسامحة دينياً مثلما قال وزير الأوقاف الحالى.