الوفد
علاء عريبى
رؤى .. «سلوى» أخطر من قناة الجزيرة
فى دقيقة واحدة اكتشف القطريون، وسائر شعوب العالم، أن المنفذ البرى الذي يربط بين قطر والمملكة العربية السعودية، أخطر من مائة قناة بحجم الجزيرة، كما أنه أهم بكثير من مليارات الدولارات التي أنفقها وينفقها أميرهم منذ سنوات على زعزعة استقرار بعض البلدان، واكتشفوا، واكتشفنا معهم، كذلك أن حياتهم مرتبطة بفتح وإغلاق هذه المنفذ.
هذا المنفذ يعرف داخل قطر بـ«أبوسمرة»، ويسمى فى المملكة السعودية بــ«سلوى»، يبعد عن العاصمة القطرية الدوحة حوالى 90 كيلو مترا، وعن الرياض عاصمة المملكة 462 كيلو مترا، ويعد معبر سلوى الذى يتبع محافظة الأحساء جغرافيا، هو المنفذ البرى الوحيد لدولة قطر إلى العالم، كما أنه يمثل الرئة الوحيدة التى يعيش من خلالها القطريون، حيث تعتمد عليه الحكومة القطرية فى توفير معظم احتياجات الشعب من البضائع، ويذكر أن حوالى 40 % من المنتجات الغذائية التى يستهلكها الشعب القطرى تصل إليه من خلال منفذ «سلوى».
عندما استيقظ الشعب القطري يوم الاثنين الماضي وفوجئ بقرار إغلاق «سلوى» أصيب بحالة من الذعر، وهرعوا إلى المحلات وقاموا بشراء أكبر كمية من السلع الغذائية ومياه الشرب التى يحتاجونها.
إغلاق المملكة العربية السعودية للمنفذ يعنى بالدرجة الأولى محاصرة قطر، وقطع البضائع والمواد الغذائية عنها، أضف إلى ذلك تحويل قطر إلى سجن كبير.
الملفت أنه رغم الخلافات التى شاهدتها المملكة مع قطر لم تفكر المملكة فى إغلاق «سلوى»، وخلافات قطر مع المملكة كثيرة وتعود إلى عام 1992، عندما اتهمت قبيلة «آل مرة» بمساندة السلطات السعودية فى مواجهة قوة قطرية، وقبيلة «آل مرة» تعيش فى المناطق المتنازع عليها بين الدولتين.
وفى عام 1995 اتهم الأمير حمد والد تميم المملكة العربية السعودية باستغلال «آل مرة» فى محاولة إعادة خليفة ولد حمد، وجد تميم، إلى الحكم مرة أخرى، والإطاحة بحمد الذى سبق وأطاح بوالده من الحكم، وبعد فشل الانقلاب قام حمد بإسقاط الجنسية عن المئات من أبناء قبيلة «آل مرة»، كما قام بطردهم من داخل الحدود القطرية إلى داخل المملكة السعودية، وقام بفتح الأراضى القطرية للجيش الأمريكى لبناء قاعدة العديد، لكى يضمن بقاءه وأولاده من بعده فى الحكم.
أغلب الظن أن حكومة المملكة اكتشفت اليوم معنا، ومع الحكومة القطرية، أن «سلوى» أخطر وأهم بكثير من قناة الجزيرة، إغلاق «سلوى» لمدة يومين أو لمدة أسبوع، قد يغير فى خريطة النظام القطري، وأضعف الإيمان قد يصيب الاقتصاد القطرى فى مقتل، لأن قطع البضائع والمواد الغذائية، يعنى توفير البديل عبر سفن نقل، مما يزيد من أسعار السلع، وهذه الزيادة تتطلب زيادة دخل المواطن أو تدخل الحكومة وتحمل فروق الأسعار(الدعم).
على أية حال النظام الحاكم فى قطر اكتشف اليوم أن المليارات التى أنفقها طوال السنوات الماضية على الخطاب الإعلامي لقناة الجزيرة، أخذه «سلوى» فى «خفة» خلال بضع ثوان، وأن الآثار التي ترتبت على «سلوى» كانت أسرع وأقوى وأخطر مما كانت تسعى إليه الجزيرة عبر عدة سنوات، ونظن أن حكام قطر اكتشفوا أيضا ان «سلوى» لم تكلف المملكة السعودية سوى ثمن ورقة وقلم لكتابة قرار الإغلاق، أما تكلفة قناة الجزيرة فحدث ولا حرج.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف