أحمد كامل البحيرى
«٣+١» في مواجهة «٢+١».. من الفائز؟
تصاعدت حدة المواجهة بين قطر من جانب والأطراف الأربعة (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) لمستوى أطلق عليه البعض (نقطة اللا عودة)، وعلى الرغم من عدم اقتناعي بأن السياسة الخارجية بين الدول لا تتضمن مصطلح (نقطة اللا عودة) وأن الركيزة الأساسية في السياسة الخارجية للدولة المصالح، بجانب موازين قوى إقليمية ودولية أخرى تحدد مسار تلك العلاقات٬ فإن مسار الأحداث بين الأطراف يؤكد أن العودة لما قبل (٥ يونيو ٢٠١٧) أصبحت أمرا صعبا، في ظل التركيبة السياسية الحاكمة للأطراف الأربعة٬ خصوصا مع استمرار السياسة القطرية في مسار اللا عودة٬ وهو ما يطرح عدة تساؤلات٬ إلى أين ستصل الأزمة بين قطر ومجموعة (٣+١) مصر والإمارات والسعودية والبحرين؟ وما السبب الحقيقي لظهور تلك الأزمة في هذا التوقيت؟ وهل ستشهد المنطقة نموذج التحالفات الثنائية الذي كان متبعا في المنطقة تحت مسمى (محور الاعتدال ومحور الممانعة)٬ ولكن تحت مسمى جديد؟ وللإجابة عن تلك التساؤلات دعونا نقرأ الأحداث على نمط سينمائي٬ بمشاهد متقطعة٬ على أن يتقمص القارئ دور رشيدة عبد السلام. (١) مشهد ١ دعوات من قبل المملكة العربية السعودية لأغلب حكام دول العالم العربي والإسلامي لحضور القمة الأمريكية الإسلامية بالرياض. مشهد ٢ أسبوعان قبل القمة (الإسلامية الأمريكية): زيارة مفاجئة من الرئيس السيسي للمملكة العربية السعودية. أسبوع قبل القمة: زيارة خليجية من قبل الرئيس السيسي لدول (الكويت، الإمارات، البحرين) مشهد ٣ قبل موعد القمة بـ٤٨ ساعة يأتي الملك عبد الله الثاني للقاء الرئيس السيسي٬ وبعدها اتصال بين الرئيس الأمريكي بالرئيس المصري. وسائل الإعلام تتساءل هل سيحضر الرئيس المصري قمة الرياض؟ لم يخرج تأكيد من قبل الرئاسة المصرية. مشهد ٤ إعلان الرئاسة المصرية عن حضور الرئيس السيسي القمة قبل يومين من عقد القمة. مشهد ٥ حضور أغلب رؤساء الدول التي تمت دعوتها من قبل المملكة العربية السعودية باستثناء (الجزائر وسلطنة عمان والإمارات والمغرب وتركيا والسودان)، وبتفسير الأسباب كانت هناك أسباب مرضية معلنة وطبيعية تنطبق على (عمان والإمارات والجزائر)، حيث حضر مملثون بمستويات مختلفة عن حكام تلك الدول٬ والسودان التحليل الأقرب اعتراض الرئيس الأمريكي نتيجة اتهام الولايات المتحدة الأمريكية وأغلب الدول الغربية للرئيس البشير بتهم جرائم حرب في أثناء الصراع المسلح مع الجنوب وبعض مناطق النزاع بالسودان، وهو الاتهام الموجه من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وهذا يمكن أن يفسر أسباب اعتذار الرئيس السوداني قبل موعد القمة بساعات٬ ولكن كان مشهد عدم حضور الرئيس التركي هو الملفت للانتباه٬ وهو ما يمكن ربطه بما سيتم طرحه في المشاهد التالية. مشهد ٦ سلام بارد وهو أقل ما يمكن وصفه في مشهد السلام بين الأمير تميم والقيادات السعودية قبل بدء أعمال القمة، بداية من مشهد الاستقبال إلى مشهد التحية من قبل الملك سلمان والأمير محمد بن نايف والأمير محمد بن سلمان٬ الذي اقتصر على سلام باليد (الواحدة) على غير عادة السلام بين الخليجيين التي تشمل في حالة الود ثلاثة سلامات (سلام اليد المصحوب بتقبيل من الأنف٬ ثم الخدين). مشهد ٧
(أربع كلمات): كلمة ملك الأردن والرئيس المصري بجانب ماليزيا وإندونيسيا، مع عدم حديث باقي الحضور، فلماذا هؤلاء فقط؟ وعلى أي أساس تم الاختيار؟ فالبعض فسر كلمة الملك عبد الله بأنها كلمة رئيس القمة العربية، ولماذا تركيا وهي رئيسة القمة الإسلامية لا تتحدث؟ وكلمة الرئيس المصري! مشهد ٨ خلال فترة إذاعة القمة الأمريكية الإسلامية التي استمرت أكثر من ساعتين لم يظهر الأمير تميم على الشاشة نهائيا، سوي عندما يتم أخذ لقطة مجمعة للقاعة، ومع التدقيق يمكن ملاحظة حضور أمير قطر في الخلف. مشهد ٩ كلمة من الرئيس السيسي يعلن عن دول إقليمية تساعد التنظيمات الإرهابية٬ وهو ما تم ترجمته بشكل مباشر على قطر وتركيا. مشهد ١٠ ساعات بعد انتهاء القمة بالرياض يتم بث تصريحات للأمير تميم ضد المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والبحرين. مع مدح قطري لإيران وحماس وحزب الله والسلام مع إسرائيل!!! مشهد ١١ مشهد مجمع لسحب السفراء وتبادل الهجوم بين قطر والأطراف الأخرى٬ تضامن إيراني تركي مع قطر وتضامن أردني مغربي... إلخ مع الأطراف الخليجية ومصر. مشهد ١٢ تفعيل الاتفاقية التركية القطرية الخاصة بالقاعدة التركية بقطر ونشر قوات تركية سريعة٬ وتهديد قطري لدخول السفن الخليجية والمصرية المياه الإقليمية القطرية، واتفاقية تعاون في السلع الغذائية والصناعية سريعة بين قطر وإيران. (٢) من المؤكد أن أسباب الخلاف القطري مع الأطراف الأربعة ليس نتيجة تصريحات تميم٬ وإن كانت تلك التصريحات سببا هاما لما وصلت إليه الأزمة، لأنها دخلت في حالة سب مباشر من قطر لبعض الحكام الخليجيين٬ ولكن من المؤكد أيضا أن السبب كان مرتبطا بتفاصيل ومخرجات قمة الرياض، التي تم الاتفاق عليها قبل القمة وليس نهاية القمة٬ ويمكن فهم ذلك لو تم إضافة المشاهد من (١ إلى ٩)، خصوصا إذا تم إضافة مشهد محذوف (مايو ٢٠١٧ زيارة لوزير الخارجية القطري إلى إيران٬ هذا اللقاء الهام والخطير). (٣) وقبل النهاية.. يمكنا القول إن أزمة (٥ يونيو ٢٠١٧) كانت نقطة حاسمة في مشهد التحالفات الإقليمية، فالحديث عن العودة لحدود ٥ يونيو ٢٠١٧، أمر صعب، فنحن الآن أمام تحالفين قيد التشكل، الأول تحالف (٣+١) مصر والإمارات والسعودية والبحرين، يمكن أن يتسع ليشمل (الأردن والكويت) في مواجهة تحالف (٢+١) الذي يشمل قطر وتركيا وإيران. وفي المجمل نحن أمام مسارات جديدة لكل الملفات٬ فالأزمات السورية واليمنية والليبية والعراقية قبل ٥ يونيو ليست هي بعد (٥ يونيو)، وهذا ما سيتم مشاهدته خلال الأيام والأشهر القادمة٬ وهو ما يمكن أن نتناول ملامحه في مساحة أخرى.