الوفد
د. مصطفى محمود
قزم بشهية غول!
لا يستطيع أحد أنكار تورط كبار شخصيات العائلة المالكة، فى تلك الدولة الغنية بنفطها فقط «قطر»، فى دعم أكثر الجماعات الإرهابية وحشية وهو تنظيم «داعش»، فضلاً عن دعم القاعدة والإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية المتطرفة فى ليبيا وسوريا والعراق. ولكن علينا أن نعلم جميعاً أن هذا حدث تحت أعين الإمبريالية العالمية التى تغسل يدها الآن من يد الأبرياء؛ وتحمل المسئولية لدويلة قطر التى كانت تتركها سابقاً تصول وتجول فى العالم تفعل ما تريد؛ ووفق ما جاء فى كتاب شينو ومالبرونو «قطر، أسرار الخزينة»، والذى يعد بمثابة رحلة فى خفايا هذا البلد النفطى الذى يعتمد على ثروته ليتوسّع فى العالم، وهذه الرحلة انطلقت من تساؤلات رئيسية طرحها جورج مالبرونو وكريستيان شينو من قبيل لماذا تحاول قطر التسلل إلى المؤسسات الدولية مثل اليونسكو وجامعة الدول العربية؟
وهل يسعى هذا البلد، الذى وصف بـ «قزم بشهية غول»، من خلال تسلله المحموم هذا، ومن خلال دعمه للمتطرفين الاسلاميين إلى ضمان سلامة نفوذه؟ وكيف تمكنت قطر من إنشاء امبراطورية ممتدة الأطراف عن طريق شراء العالم بفضل احتياطاتها من النفط والغاز؟ وسلط الكتاب الضوء على ما يجرى داخل أسوار القصور لأمير قطر ومفاوضاته السرية مع الدول الغربية، وأيضاً الدور الذى تلعبه وسائل الإعلام، وبالتحديد قناة الجزيرة الفضائية، فى دبلوماسية قطر التى تسعى إلى أن تكون وسيطاً مؤثراً فى العالم العربي. وفى الشأن السوري، حملت أسطر الكتاب ضلوع قطر فى المستنقع السورى بقيامها بتسليح الثوار وتمويل الجماعات المسلحة المعارضة، بل إن بعض الجماعات مدعومة من منظمات هى الآن على القائمة الأمريكية للتنظيمات الإرهابية. وقال كريستيان شينو، إنه تمت مناقشة عدد كبير من الدبلوماسيين الأمريكيين والروس والفرنسيين… وغيرهم للحصول على تفاصيل كثيرة لكتابه «Qatar: les secrets du coffre-fort»...وتورط قطر ورعايتها للإرهاب أشار اليه كثيرا سيمور هيرش، من خلال وثائق أمريكية تفصح عن المدى الكامل لتعاون الولايات المتحدة مع تركيا وقطر فى مساعدة المتمردين الإسلاميين فى سوريا.
وقال «هيرش» فى مقال بمجلة «لندن ريفيو أوف بوكس»: إن إدارة أوباما أسست ما تسميه وكالة الاستخبارات المركزية بـ«خط الجرزان»، وهى قناة خلفية للتسلل إلى سوريا، وتم تأسيس هذه القناة بالتعاون مع قطر وتركيا فى 2012 لتهريب الأسلحة والذخائر من ليبيا عبر جنوب تركيا ومنها إلى الحدود السورية حيث تتسلمها المعارضة.
وبالطبع المستفيد الرئيسى من هذه الأسلحة كان الإرهابيون، الذين ينتمى بعضهم مباشرة لتنظيم القاعدة، وهو أيضاً ما يؤكد العلاقة الوطيدة بين الدوحة والجماعات المتطرفة فى ليبيا التى سيطرت على مخازن الأسلحة عقب سقوط القذافى. ووفقاً لوثيقة سرية مرفقة مع التقرير الأمريكى الاستخباراتى، فإن اتفاقا سريا عقده أوباما وأردوغان، أوائل 2012، يخص ما يوصف بـ«خط الجرزان»، وينص الاتفاق على أنه بتمويل تركى وقطرى ودعم من الـCIA والاستخبارات البريطانية الخارجية MI6، يتم الحصول على أسلحة خاصة بترسانة القذافى، بواسطة قطر، ونقلها إلى سوريا، وتلك هى الأسباب الخفية لتراجع الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما عن شن ضربة عسكرية على سوريا، سبتمبر 2013.
كل هذا يؤكد أن قطر هى الراعى الرئيسى لجماعات التطرف الإسلامية فى الشرق الأوسط وهناك علاقة وطيدة بين الدوحة والجماعات الإسلامية المتطرفة التى تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس وخاصة الجماعة التى أعلنت ولاءها لتنظيم داعش فيما سمته «ولاية طرابلس» التى قتلت المصريين الـ20 نحراً، وهم أيضاً حلفاء لجماعة أنصار الشريعة، الجهادية الوحشية التى يشتبه فى وقوفها وراء مقتل السفير الأمريكى فى ليبيا كريستوفر ستيفنز، ومحاولة مقتل نظيره البريطانى السير دومينيك أسكويث. ولكن علينا جميعاً التعامل مع الإرهابى القطرى باعتباره إرهاباً للأسرة المالكة تحاول به كسب ود الإمبريالية العالمية لدعمها فى البقاء بالحكم؛ أما الشعب القطرى فهو نفسه يقع تحت طائلة إرهاب تلك الأسرة ولا حول له ولا قوة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف