حسن حامد
اعقلها .. المواقع الإباحية
ألم يتم تعيين الزند وزيراً للعدل؟. لا تقولوا نعم. وإنما قولوا بلي. إذن ما أهمية أن نختلف حول اختياره لهذا المنصب؟. وبغض النظر عن تأكيد البعض أن الزند قال بملء فيه أن القضاة هم الأسياد والباقي عبيد. فإن الأهم في رأيي أن نلتفت إلي ذلك الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة برئاسة المستشار يحيي الدكروري نائب رئيس مجلس الدولة والذي يقضي للمرة الثانية بإلزام رئيس الوزراء باتخاذ ما يلزم لحجب المواقع الجنسية في مصر. وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن الإبقاء علي هذه المواقع يهدم القيم ولا يمكن أن يدور ذلك في فلك حرية التعبير لأن ما يعرض علي هذه المواقع يعد أبرز صور الإخلال بالمصالح العليا للدولة والأمن القومي الاجتماعي.
ألف شكر بالطبع لسيادة المستشار ولسيادة المحكمة وإن كنت لا أفهم علي وجه الدقة ما ذلك الفلك وما حدوده وما هي حرية التعبير علي هذا النحو وما العلاقة بين المواقع الإباحية والإخلال بالمصالح العليا للدولة والأمن القومي الاجتماعي؟. ربما يكون القصد أننا مازلنا قاصرين ونعيش في بيت القاصرات. الفيلم المأخوذ من إحدي قصص الاخصائي الاجتماعي رؤوف حلمي واخراج أحمد فؤاد. نحن بالفعل نعيش في فيلم هندي طويل لا أول له ولا آخر. دورنا أن نشاهد فقط ولا نشارك أبداً في الأحداث. لأن أسيادنا يرون أننا نحتاج إلي الوصاية وحين نطالب بحرية التعبير يقولون لنا إن ذلك لا يمكن أن يدور في فلك حرية التعبير.
دعونا من نظرتهم إلينا باعتبارنا لا نفهم مصلحتنا ودعونا من أنهم يرددون علي مسامعنا بأحكامهم: "أنت يا ولد أنت مش فاهم مصلحتك. إنت يا بنت إنت مش فاهمة مصلحتك. إحنا نعرف مصلحتكم كويس". وتحت مصطلح مصلحة الدولة العليا وتحت حجة هدم القيم. ليس مهما رأينا وليس مهما أن نواجه نحن الأمر ونتحمل مسئولية أبنائنا. وليس مهما أن نقوم بدورنا في حماية قيم مجتمعنا وعلي الحكومة اتخاذ ما يلزم لحماية تلك القيم.
إننا والله نعود للخلف وسنظل نعود للخلف طالما أننا نفكر بهذه الطريقة ونفرض الوصاية علي مجتمع المفروض أنه شب عن الطوق وأصبح مفطوماً عن الرضاعة. وإن رأي أسيادنا غير ذلك. ولست في مجال التساؤل هل كان المقصود بالحكم مغازلة الإرهابيين أم هو لإرضاء من يريدون بنا العودة إلي عصر الخيمة والجمل؟. ولن أناقش جدوي تلك المواقع أو خطرها. لأن ذلك لا علاقة له بتأمل الحكم الصادر. وإنما فقط اتساءل هل أصبحنا كالعبيد نساق دون أن يأخذوا رأينا فيما يخصنا؟.
المواقع الإباحية عادي في كل المجتمعات الناضجة العفية القوية التي تقيم أمورها علي الفصل بين الفضيلة والرذيلة ولو كان منا من يوافق أسيادنا في حكمهم ويرون أن ذلك هو عين العقل فإني أقول إن الحكم يعفيهم من القيام بدورهم في تنشئة أبنائهم علي محاربة القبح بكل ألوانه ويحمدون الله أن الحكومة شالت عنهم المسئولية. دعونا يا أسيادنا نتحمل مسئولية أنفسنا فنحن نعرف مصلحتنا أكثر منكم.