جريدة روزاليوسف
د. حماد عبد الله حماد
الباقى من «شارع» المعز لدين الله!
هذا الشارع المهم، والذى يمثل للحضارة الإسلامية «عموداً فقريًا»، أى أن «شارع المعز لدين الله الفاطمى»، والذى يبدأ من تقاطعه نهاية شارع محمد على ويمتد حتى الغورية، بطول نحو4 كيلومترات، عر ض الشارع لا يزيد على 5 أمتار وبالكثير 8 أمتار فى بعض أجزائه، ويأخذ الشارع عدة أسماء مرتبطًا بالأحياء التى يتقاطع معها، مثل اليكنية، سوق السلاح، والمغربلين، العقادين والخيامية، والغورية، وتحت الربع، حيث كان هذا الشارع هوالمحور الذى يقطع القاهرة الفاطمية من القلعة (مقر الحكم) إلى الموسكى وخان الخليلى (المراكز التجارية) ومازالت! وهذا المحور كان يجرى فيه عربة بحصان أو«بغل» تسمى «سوارس»، لنقل الركاب بين أحيائه، لقد عشت فى هذا الشارع طفولتى حيث أسرة والدتى (رحمها الله) من حى «المغربلين»، وجاء اهتمام وزارة الثقافة وصندوق التنمية الثقافية فى عصر الفنان «فاروق حسنى» بإعلاء قيمة هذا الشارع التاريخى، وترميم الآثار التابعة لسيدنا الشيخ زاهى حواس (وزير الآثار الأسبق)، وتلك الآثار التى رممت، وكمهتم قررت الذهاب لرؤية ماتم، وكمواطن من أهل هذه الأحياء، قررت أيضًا إعادة ذكريات طفولتى، بالتجوال فى الشارع، خاصة بعد أن سمعت فى نشرات إخبارية فى تصريحات «عنترية»، بأن الشارع أصبح مثل أجمل «شوارع روما القديمة» وتخيلت بأن إخلاءات تمت للعشوائيات، وأعيدت الآثار بواجهاتها المزخرفة الجميلة تضىء ذلك الشارع وتعطف على ذلك المنحنى منه، وأشياء تخيلتها، قبل ذهابى، وتعمدت أن يكون معى سائقى، حيث أترك له السيارة فى «شارع محمد على»، ويلتقطنى من شارع الموسكى (سيدنا الحسين)، حيث نهاية الشارع، وحدث وللأسف الشديد وقمت بزيارة الشارع من هذه الناحية وانزعجت انزعاجًا رهيبًا.. حيث الشارع قذر.. قذر جداً.. جداً.. البلاط (البازلت) القديم مخلع، ومكسر وكله حفر ونقر، جميع التجار افترشوا الشارع وحوائطه كلها، حتى أن الآثار التى رممت والتى تحت الترميم (33 أثرًا) لا يظهر لها أثر، من تعليق قمصان النوم، والملابس الداخلية والعباءات عليها، شىء لا يصدقه عقل، بياعين (الكرشة)، والفراخ (مع العلم بأنها صاحية ومذبوحة)، ولا كأننا نعلن عن أنفلونزا الطيور! والبقالين والعطارين والحدادين والسماكين والجزمجية. كل تلك التشوهات عكس ماتم فى النصف الآخر من نفس الشارع من الناحية الشمالية، حيث هذه التشوهات تبدأ من حى الغورية وحتى تحت الربع وحتى «حى البيبانى» على تقاطع شارع محمد على، فهل يستطيع مسئول عن ثقافة هذا الوطن أن يبادر باستكمال ما بدأه الفنان «فاروق حسنى» وإنهاء الاحتلال (التتارى) عن أجمل شوارع العالم (المعز لدين الله الفاطمى) !
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف