الأخبار
جلال دويدار
مطلوب التصدي للفساد منعا لتكرار «الأزاريطة»
إلي متي يستمر هذا المسلسل المأساوي الذي تعيشه الدولة المصرية نتيجة وقوعها فريسة لغول الفساد المتغلغل في دوائرها الحكومية ومنها أجهزة الحكم المحلي وبالأخص الهندسية المسئولة عن إصدار ومتابعة رخص المباني.. إن هذا الجهاز وبكل فروعه علي المستوي المركزي ممثلا في وزارة الاسكان والتعمير وتبعياتها في المحليات يعيش علي فساد الرشاوي.
عائد هذا الانحراف المتعارف عليه في التعامل مع هذه الاجهزة يتمثل في هذه الكوارث التي تدهمنا من وقت لآخر في شكل انهيار للعقارات يروح ضحيتها آلاف الارواح بالإضافة إلي تشريد الكثير من العائلات الذين يصبحون بلا مأوي .. هل يمكن لأحد مهما كانت مكانته إنكار إقدامه علي دفع رشوة ما من أجل إنهاء رخصة بناء أو أي إضافة هندسية لمبني أو مشروع.. رغم أنه بهذا العمل يعد مشاركا في جريمة الرشوة. إنه يمكن أن لا يلام علي ذلك حيث إن امتناعه عن الاستجابة لدفعها يعني تعطيل بل وقف ما يسعي إليه ويستهدفه حتي لو كان سليما قانونيا.
إن ظاهرة سقوط عقار »حي الأزاريطة»‬ بالإسكندرية وبجانبه البرج المائل المكون من ١٣ دورا ليست سوي نسخة مكررة لملايين الحوادث المشابهة.. هذه الواقعة ليست سوي تجسيد لتعاظم وتضخم حجم الفساد المتفشي في كل إدارات الإسكان علي مستوي مصر المحروسة .. كم كنت أرجو من وزير الاسكان المشغول ببيع الاراضي والعقارات في إيجاد حل لهذه المهزلة التي أصبحت سبة توصم بها وزارته وأجهزتها في المحافظات.
مطلوب من هذا الوزير وبدلا من اهتمامه باستخدام ما يحققه من عائد للحصول علي دعم ومساندة المسئولين في الدولة.. أن يعمل علي تغيير قوانين الإسكان للحد من جرائم سقوط العقارات نتيجة الانحراف والإهمال من المهندسين العاملين في الأجهزة المركزية أو المحليات.. إنه مطالب بأن يتم إصدار رخص البناء بعد استكمال كل المتطلبات القانونية.. إلكترونيا وفق معايير محددة.
هذه القوانين المطلوبة لابد أن تتضمن عقوبات مغلظة علي عدم متابعة عمليات البناء والمعايير الهندسية المطلوبة وضمان الالتزام بما يتضمنه الترخيص. لابد من تطبيق هذه القوانين وعقوباتها المغلظة علي كل من ساهم في المخالفة البنائية.هذه العقوبات سوف تكون عاملا مهما للحد من هذه الحوادث المفجعة التي تدفعنا إلي الصراخ ولطم الخدود إلي أن تزول آثارها بمرور الوقت وإلي أن تتكرر مرة أخري.
بالطبع فإننا وعلي ضوء مأساة »‬الأزاريطة» سوف نسمع من يقول أن تاريخ هذه المخالفة يعود إلي سنوات مضت .. في هذا الشأن أقول أن هذا لا يمنع ولن يمنع تكرارها في المباني التي حصلت بعد ذلك وحتي الآن علي موافقات ورخص البناء. ليس من سبيل للقضاء علي هذا الاداء الهندسي الحكومي المنحرف سوي بالحلول الجذرية التي تشمل إصدار وتفعيل القوانين المناسبة بالاضافة إلي الكترونية أعمال الدولة للحد من تدخل العنصر البشري الذي افتقد القيم والاخلاق والضمير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف