المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان
في مسيرة الإمام علي بن أبي طالب مواقف متعددة تستحق أن نتأملها جيداً للاستفادة في كل شئون الحياة. الثبات والقوة والشجاعة التي يتمتع بها علي ابن أبي طالب جعلته يقتحم المعارك الحربية بكل جرأة يتحمل المشاق من أجل تحقيق النصر للمسلمين في المشاهد التي يتعرضون لها. واخباره في الحروب كثيرة ومتنوعة أعماله في الميدان ملء السمع والبصر وتزخر بها كتب السيرة والتراجم التي تهتم بتلك المشاهد الحربية من ذلك علي سبيل المثال والتي تتمثل فيما يرويه عبدالله بن بريده عن أبيه قال: لما كان يوم خيبر أخذ أبوبكر لواء المسلمين وفي اليوم التالي أخذه عمر. ثم قال رسول الله ــ صلي الله عليه وسلم ــ "لأدفعن لوائي إلي رجل لم يرجع حتي يفتح الله عليه. وقد صلي رسول الله صلي الله عليه وسلم صلاة الفداة ثم طلب اللواء. ثم استدعي عليا وعندما جاء وجده يشتكي من ألم في عينيه فمسحهما رسول الله صلي الله عليه وسلم بيده الشريفة" في محاولة لعلاجها بفضل بركته صلي الله عليه وسلم.. ثم سلمه اللواء ومضي يقود المسلمين مُحققا بتوفيق الله النصر للمجاهدين وبفضل من الله تحققت نبوءة سيد الخلق صلي الله عليه وسلم.
أما عن مجال العلم فقد كان علي بن أبي طالب يهتم بصفة خاصة بأحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ينقلها بكل أمانة ودقة وكان من أكثر ما روي عنه ابناؤه الحسن والحسين ومحمد وعمر وعبدالله بن مسعود وابن عمر وعبدالله بن جعفر وأبوموسي الأشعري وأبوسعيد الخدري وأبورافع وصهيب وجابر بن عبدالله وغيرهم كثير من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم كما روي عنه من التابعين كل من سعيد بن المسيب ومسعود بن الحكم الزرقي وقيس بن أبي حازم والشعبي وغيرهم من كبار التابعين الذين عاصروه ومما نقله أبوالبختري أحد التابعين عن علي بن أبي طالب قال: قال علي: بعثني رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي اليمن. فقلت يارسول الله تبعثني إلي اليمن ويسألوني عن القضاء ولا علم لي به؟ قال صلي الله عليه وسلم: ادن مني. ندنوت. فضرب بيده علي صدره ثم قال: "اللهم ثبت لسانه. واهد قلبه" بعد هذه الدعوات الطيبة من سيد الخلق صلي الله عليه وسلم يقول علي بن ابي طالب: "فلا والذي خلق الحبة وبرأ النسمة ما شككت في قضاء بين اثنين بعد".
هذا الموقف لعلي بن أبي طالب من أمر القضاء يؤكد مدي صراحته وتوضيح الأمور كي يتعرف من رسول الله صلي الله عليه وسلم علي كيفية الفصل في المنازعات بين اثنين أو أكثر. فجاءه التوجيه بالثبات والتمسك بما لديه من معلومات وما شاهده في مجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم للاستفادة به في شئون القضاء وحل المشاكل التي يتعرض لها أثناء توليه شئون أهل اليمن ولا غرو فهو الملازم لرسول الله صلي الله عليه وسلم منذ نعومه أظافره. لديه خزائن من المعلومات التي تضئ الطريق له ولأي انسان قد يتولي شئون القضاء خاصة ان الرسول صلي الله عليه وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. فمن اراد العلم فليأت بابه. ويقول سعيد بن المسيب ما كان أحد من الناس يقول: "سلوني" غير علي بن أبي طالب وذلك لتمكنه وعلمه فيما ينقل عن رسول صلي الله عليه وسلم. وعن عبدالملك بن أبي سليمان قال: قلت لعطاء أكان في أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم أعلم من علي؟ قال: لا. والله لا أعلمه. كل ذلك يؤكد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يعرف أن علي بن أبي طالب لديه من العلم شئ كثير سوف يعينه علي الفصل في أي قضية تعرض ولذلك كانت دعوات الرسول له بأن يثبت لسانه علي الحق.
حقيقة لقد كان علي بن أبي طالب بسطة في العلم والتفقه في مختلف الشئون. وكان المرجع لأصحاب الرسول في كثير من المواقف يقول ابو الطفيل: ان بعض أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم كان يتحدثون عن علي بن أبي طالب في مجال العلم والمعرفة ومما قالوه: لقد كان لعلي من السوابق ما لو أن سابقة منها بين الخلائق لوسعتهم خيراً. وله كثير من السوابق وقد كان كثير من الصحابة يسألونه عن كثير من الأمور فيجيبهم بكل ثقة خاصة عمر بن الخطاب فقد كان يستعين هو في كثير من الأمور ونقل في مواطن متعددة قوله: "لا أبقي في الله بأرض لست بها يا أبا الحسن" تقديرا وعرفانا بما لدي علي من كنوز العلم والمعرفة وغدا يتجدد الحديث عن ابن عم رسول الله صلي الله عليه وسلم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف