ها هم العقلاء فى الدول الكبرى العشرين أصبحوا يدركون يوما بعد آخر أن حاضر بلادهم ومستقبلهم ومصيرهم مشترك مع القارة الأفريقية، التى عانت قرونا طويلة من استغلالهم لمواردها المادية والبشرية خلال الحقبة الإستعمارية، ومن هنا تأتى أهمية القمة التى نظمتها الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين للشراكة مع أفريقيا تحت شعار «الاستثمار فى مستقبل مشترك»، بهدف إنشاء شراكات مع مؤسسات التمويل الدوليةلتوفير مناخ موات لجذب الاستثمارات لأفريقيا للمساهمة فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص العمل، للحد من تداعيات المشكلات التى تعانى منها القارة الأفريقية.
ومن المأمول أن تسفر هذه القمة عن استراتيجية واقعية للتعاون والنهوض بمستوى التنمية فى أفريقيا، بما ينعكس على مستوى المواطنين، ويؤدى إلى إزالة العوامل الطاردة التى تدفع بمئات الآلاف من الشباب الأفارقة إلى النزوح والهجرة إلى المجهول. والدول المتقدمة لها مصلحة مباشرة فى تنمية الدول الأفريقية لأن تنميتها وتأسيس نظم حكم رشيدة فيها، ستجعل أبناء القارة يتمسكون بها، ولا يتدفقون منها إلى دول العالم المتقدم فى هجرة غير شرعية أو ينقلون إليها الجريمة المنظمة والإرهاب. إن الشراكات العادلة بين دول العشرين والدول الأفريقية لن تعود فوائدها على الدول الأفريقية وحدها، بل ستجنى مكاسبها أيضا الدول المتقدمة، لأن أفريقيا الغنية مازال فى جعبتها الكثير، والمهم فى الأمر أن تتحول نتائج القمة إلى واقع فعلى، وليس فقط للاستهلاك، فالبرامج التى ستنتج عنها هى التى ستحدد مدى جديتها.