صباح الخير
محمد عبد النور
«أى دول تقدم الدعم للإرهاب يجب أن تُعاقب»
ربما لم يتوقع حاكم قطر أن يتم اتخاذ إجراءات عقابية من جانب دول الخليج ومصر وبعض الدول العربية تصل إلي حصار كامل بسبب ضلوعه الأصيل في التآمر علي أمن واستقرار شعوب عربية بأكملها ورعايته لمنظمات إرهابية وبسط حمايته علي رموز وشخصيات ظلامية متطرفة (القرضاوي - غنيم - الزمر) وتمويله المباشر وغير مباشر لمنظمات إرهابية مسلحة (جماعة الإخوان وداعش) وبقية قائمة الأشخاص والمنظمات التي تم الإعلان عنها، وتسخير ظهير إعلامي لخدمة هذه الأهداف.

ربما لم يتوقع هذا الموقف القومى لحماية الأمن القومى العربى من شرّه وهذه الجزيرة، وقد أفلت بجلده مرات من قبل بشكل أو بآخر وآخرها قمة الرياض 2014 عندما تم سحب سفراء دول الخليج من قطر وإعادتهم بعد توقيع حاكم قطر «تميم» على بنود اتفاق يلزمه بالتوقف عن التدخل فى الشئون الداخلية لأى من دول الخليج والدول الأخرى، وأن تقوم قطر بإبعاد جميع العناصر المعادية لدول المجلس والمطلوبة قضائيا عن أراضيها خصوصا جماعة الإخوان المسلمين، شدد الاتفاق على وقف دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين بشتى الأشكال، والتوقف عن التحريض ضد مصر، إذن فتمويل قطر للإرهاب ودعمها لمنظمات إرهابية لم يكن اكتشافًا سعوديًا أو خليجيًا وإنما له تاريخ.
ربما لم يتوقع حاكم قطر إلا أنه بلا شك لم يتفاجأ، فخطاب الرئيس السيسى أمام القمة العربية الإسلامية - الأمريكية فى الرياض قبل أسابيع كان محددا بدقة لتوصيف الإرهاب وشموله للدول الراعية والإيواء، والدول الممولة والداعمة لوجستيا والمتعاملة بالشراء للبترول والآثار والموفرة لإحلال وتعويض الأسلحة والمعدات والمقاتلين وتوفير الرعاية الطبية لهم، والحاضنين لشخوصه ورموزه ومنظماته، والمسخرين لأدوات إعلامية جبارة التمويل كظهير إعلامى يسوق بشراسة للأفكار المتطرفة والمنظمات الظلامية.
وهنا لم يكن الرئيس السيسى يتحدث عن الحالة المصرية وما تتعرض له من استهداف إرهابى واضح وإنما كان يضع استراتيجية حقيقية وخطة محددة لاستئصال هذا الشر وأهله من المنطقة والإقليم والعالم، بما يدفع عن الشعوب العربية ومجتمعاتها أخطارًا تهدد بقاءها ضمن نسيج واحد وحدود جغرافية وطنية، وبما يضمن للعالم أجمع انحسار الموجة الإرهابية التى أصبحت تختار بعناية أهدافها فى العواصم الأوروبية المختلفة.
وفى هذا السياق جاءت كلمة الرئيس السيسى شاملة، جامعة لكل الدول التى لا تخفى رعايتها للإرهاب ومنظماته (جماعة الإخوان وتنظيم داعش) ولا تتردد فى توفير الغطاء السياسى والإعلامى له وفى مقدمتها قطر وتركيا ومن بعيد إنجلترا بشكل أو بآخر، وفى هذا المكان كان يجلس حاكم قطر »تميم« مستمعا فقط، غير مقدر أولا لماهية انعقاد قمة بهذا الشكل وهذا الحجم، وثانيا، الرسالة التى يجب أن تخرج منها للعالم الذى أصبح فى عداء متنامٍ لكل ما هو عربى وإسلامى.
وأخيرا لم يقدر حاكم قطر قوة الدولة المصرية وقدرة أدواتها على صناعة المواقف القومية والإقليمية والتأثير فى المواقف الدولية بما يصب فى خانة المصالح العليا للشعب المصرى والشعب العربى، فالرئيس السيسى قد حدد مبكرا أن مصر لا تتآمر ولا تتدخل فى شئون الآخرين وتتعامل بشرف وصدق ومنفتحة على الجميع، فى الوقت الذى لا تتهاون فيه فى ضمان الحق المصرى أينما كان وفى أى مكان، ولا تنعزل بأمنها القومى عن الأمن القومى العربى فى شموله واتساعه وامتداده، فكان مبدأ »مسافة السكة«.
وهو ما يحمل الإجابة الواضحة عن الموقف المصرى الأخير من قطع علاقات دبلوماسية وإغلاق أجواء ومسارات جوية ولماذا لم يُتخذ هذا القرار من قبل على الخلفية الثابتة، لكل الممارسات القطرية من التمويل والدعم السياسى واللوجستى والإعلامى لجماعة الإخوان الإرهابية والتنسيق مع إدارة الرئيس أوباما وتركيا على مدى السنوات الماضية، ومما كان سببا مباشرا فى ما يتعرض له المصريون من أعمال إرهابية؟
فإن كان القرار يخصها، فمصر وحدها قادرة على إدارة تحدياتها، فيما يخص الحرب على الإرهاب ومواجهة خططه وأساليبه، وفيما يتعلق بالاصلاح الاقتصادى وتحمل تبعاته، وجيشها قادر على حماية حدودها وصيانة استقرارها الداخلى، يطول الإرهابيين والمارقين خارج الحدود فورا وبقوة، ضمن حماية الأمن القومى المصرى.
أما إن كان القرار يخص الأمن القومى العربى بمفهومه الشامل فالقرار المصرى قوميا عروبيا، ضمن تحالف عربى موجه لمنع ممارسات قطرية خبيثة يستخدم فيها حاكم قطر كل إمكانيات وموارد جزيرته المالية واستثمارته الضخمة دوليا فى خدمة الجماعات الإرهابية (الإخوان وداعش) ورموزها وشخوصها وتنظيماتها بما هدد الأمن القومى العربى فى منطقة الخليج وليبيا وسوريا والأراضى الفلسطينية المحتلة ودول فى المغرب العربى، فكان لابد من عقابه عربيا.
ومن ثم، فإن حلحلة الموقف ستكون فى موقف عربى شامل إن استجاب حاكم قطر للإرادة العربية فى التخلى الصادق والأمين عن سياسته فى دعم الإرهاب بشتى الصور والوسائل التى حملها بيان الدول الأربع »مصر والسعودية والإمارات والبحرين« تخليا عمليا بلا مناورات ستصبح مكشوفة أو التفاف سيكون صبيانيًا.
لا أعتقد أن استجابة حاكم قطر قريبة قياسا على تحركاته تجاه إيران وتركيا وإسرائيل وروسيا مع تباين الموقف الأمريكى بين تصريحات الرئيس ترامب وما هو معلن من الخارجية والدفاع الأمريكية.
وإن كنت لا أشك فى أن الموقف العربى المصرى قابل للتصعيد إقليميا ودوليا وقد بدأ فى مجلس الأمن والأمم المتحدة والجنائية الدولية، فالرئيس السيسى أعلن مؤكدا: »أى دول تقدم الدعم للإرهاب وتمدها بالسلاح يجب أن تُعاقب«. •
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف