صباح الخير
محمد عبدالعاطي
أموال الإنجليز.. محصنة
تتميز العلاقة بين مصر وإنجلترا بأنها تاريخية كللتها استثمارات ضخمة فى السنوات الخمس الأخيرة وتحديدا بعد ثورة يناير وحتى نهاية عام 2016 ليصبح الإنجليز أكبر مستثمر أجنبى فى مصر فى السنوات الأخيرة.

فما تتحدث عنه إنجلترا ليس فى الغالب أموالا ساخنة تدخل لتشترى الأسهم أو السندات لفترة ثم تخرج بعد ذلك فائزة بربح مضمون دون أن ينعكس هذا الاستثمار على قطاعات المجتمع المختلفة بل كانت غالبية ما جرى ضخه من أموال تغذى بنسبة كبيرة شرايين الاقتصاد المصرى.
وخلال الفترة من 2011 وحتى 2016 بلغت الاستثمارات نحو 30 مليار دولار بحسب بيانات صادرة من الحكومة الإنجليزية نفسها بينما كان هناك خمسة لاعبين رئيسيين من إنجلترا فى مجال الاستثمار داخل مصر هم شركة الاتصالات «فودافون» و«جلاسكو سميث كلاين» لصناعة الدواء و«يونيليفر» لصناعة المواد الغذائية ومواد التجميل و«بريتش بتروليوم» للبترول «وبنك HSBC»
• استثمارات ضخمة
دخلت «فودافون» إلى السوق المصرية بقوة فى بداية الألفية الجديدة لتغزو بقوة سوق شبكات المحمول وخدمات الإنترنت بعدما حصلت على ثقة الكثير من الشعب ومؤخرا جرى ضخ 3.5 مليار جنيه قبل تحرير سعر الصرف من أجل الحصول على رخصة شبكات الجيل الرابع للمحمول «4G» وهو استثمار أسهم فى دعم الاقتصاد المصرى.
وارتبط اسم الشركة بحجم إنفاق كبير على الدعاية خصوصا فى السنوات الأخيرة بداية من دخوله كراعٍ رئيسى لقميص النادى الأهلى لكرة القدم خاصة بعدما حصلت شركة »صلة« السعودية على حقوق تسويق النادى الأهلى لتزيح شركة منافسة لها فى سوق المحمول.
كذلك تميزت فودافون عن شركتى المحمول فى السوق المصرية بضخ استثمارات ضخمة فى مجال الدعاية خصوصا فى شهر رمضان من خلال التعاقد مع نجوم الفن وكرة القدم لتقديم الإعلانات وهو ما يؤكد تحقيقها لأرباح من وراء العمل داخل مصر خاصة أنها دخلت بقوة إلى خدمات خطوط البيزنس وهو ما منحها ثقة الكثيرين من رجال الأعمال.
أما شركة «يونيليفر» فاستثمرت بقوة داخل مصر وتعمل فى مجال الاستثمار المباشر فى المواد الغذائية ومواد التجميل والمنظفات وبدأت تشغيل خط إنتاج مسحوق (أومو) بتكلفة تصل إلى نحو 200 مليون جنيه خاصة أن هذا الاستثمار الهدف منه العمل على التصدير إلى الخارج.
وتتعدد منتجات الشركة فى السوق المصرية وتمتلك الكثير من العلامات التجارية مثل «ليبتون» و«كنور» و«أومو» و«لاكس» و«دوف» و«سيجنال» و«كلوس آب» وغيرها من العلامات التجارية الأخرى.
وتعتمد «يونيليفر» على السوق المصرية باعتبارها سوقًا استهلاكية نظرا لتواجد أكثر من 95 مليون مواطن داخل مصر بالإضافة إلى الجنسيات الأخرى فضلا عن أن الأيدى العاملة رخيصة الثمن وهو ما يخفض من تكلفة المنتج ويصبح أكثر تنافسية.
وتمتلك مصر علاقات تاريخية مع شركة «بريتش بتروليوم» للتنقيب عن البترول والغاز الطبيعى وذلك لأكثر من نصف قرن بداية من عام 1963 والتى ضخت وحدها 30 مليار دولار فى مجال الاستثمارات النفطية داخل مصر وخدمات البحث والتنقيب عن الغاز الطبيعى منذ دخولها السوق.
وجرى الإعلان أخيرا عن إنتاج الغاز الطبيعى من حقلى «تورس» و«ليبرا» بطاقة 9 آبار مما يساعد على ضخ استثمارات جديدة سواء لمصر أو للشركة فى مجال تصدير الغاز الطبيعى.
ونشطت «جلاسكو سميث كلاين» الإنجليزية داخل مصر فى مجال صناعة الدواء وفى الفترة الأخيرة جرى افتتاح خط إنتاج تابع لمصنع جديد للأدوية منخفضة التكاليف من أجل المساهمة فى توفير الأدوية بأسعار منخفضة.
ويعمل بنك «هونج كونج وشنجهاى» المعروف باسم HSBC داخل مصر فى مجال الأعمال المصرفية والاستثمار غير المباشر إضافة إلى مساهمته فى بعض المشروعات بينما خرج بنك «باركليز» الإنجليزى من السوق المصرية منذ أشهر بناء على خطة انسحاب من مصر وبعض الدول الأفريقية والأوروبية مع الحفاظ على جميع حقوق عملائه.
• فروع أخرى
ليست الاستثمارات المباشرة فقط هى التى يمكن ضخ استثمارات إنجليزية فيها إلى مصر بل هناك استثمارات غير مباشرة تعمل إنجلترا عليها من خلال شراء الأسهم عبر مواطنيها أو شركاتها أو السندات وغيرها من الأدوات الاستثمارية التى يلعب الوقت دورا بارزا فيها فضلا عن وجود استثمارات فى مجال التعليم عن طريق المدارس الإنجليزية.
وإلى جانب ذلك كانت إنجلترا من أهم الدول التى توفد مواطنيها للسياحة فى مصر لأسباب كثيرة منها الجو الدافئ والتكاليف المنخفضة حتى وصل حجم السياحة السنوية لأكثر من مليون سائح قبل ثورة يناير ولكن مع التوترات التى حدثت فى مصر انخفضت الأعداد بشكل كبير وهو ما تضررت منه الفنادق خاصة فى شرم الشيخ والمناطق الساحلية.
وذكر تقرير للحكومة الإنجليزية أن حجم التبادل التجارى بين مصر وإنجلترا يبلغ مليارى دولار سنويا ولكن تبقى أزمة خروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبى عاملا سلبيا بسبب استفادة الجانب المصرى من اتفاقيات منطقة اليورو ودخول الشحنات المصرية بلا جمارك أو بتكلفة منخفضة.
• نشاط اقتصادى
اعتبر شريف البلتاجى عضو مجلس الأعمال المصرى البريطانى أن مصر تقوم بتصدير الكثير من المنتجات الزراعية إلى إنجلترا خاصة فى السنوات الأخيرة ولكن ما كان يشغل الجانب المصرى فى المجلس هو ضرورة الاتجاه إلى الشراكة من خلال إنتاج مشترك يجمع مصر بإنجلترا.
وأضاف البلتاجى أنه كان يتمنى أن ينعكس التعاون فى مجال الشراكة والتكنولوجيا وإنتاج الآلات والمعدات من خلال التعاون المشترك القائم على الربح لكلا الطرفين، وذلك وفقا للنقاشات التى جرت بين الطرفين وإن كانت الفترة الأخيرة من توترات تشهدها المنطقة بصفة عامة أسهمت فى تأخير ذلك التعاون بعض الشيء.
ومن جهته أكد هانى توفيق خبير الاستثمار المباشر أن ضخ الاستثمارات الإنجليزية إلى مصر جاء لأسباب كثيرة تتمثل فى وجود سوق كبيرة للاستهلاك، مضيفا أن إنجلترا دخلت مصر وهى تدرك أن تواجدها سيحقق أرباحًا كبيرة وإلا لما قررت التفكير فى ذلك.
وتطرق توفيق خلال حديثه إلى أن الاستثمار الأجنبى بصفة عامة يمثل نقطة تحول كبيرة داخل مصر إذا ما جاء بتكنولوجيا جديدة لينقلها إلينا ومن ثم تبدأ الدولة المصرية فى التعاون واستخدام البحث العلمى فى استيعاب تلك التكنولوجيا والعمل على تطويرها بعد ذلك والانطلاق لابتكار الجديد ومن هنا تتحقق الاستفادة المتبادلة بين الطرفين فتحقق إنجلترا الأرباح وتنهض الدول النامية بمرور الوقت.
وأوضح توفيق أن الاستثمار الأجنبى لا يفضل أحيانا نقل تكنولوجيا معينة مثل التنقيب عن البترول أو الغاز الطبيعى بحيث يضمن استمراره فى العمل فى دول أخرى لا تدرك تلك التكنولوجيا والأمر لا يقتصر على مصر وحسب وإنما دول الخليج أيضا.
واعتبر هانى المنشاوى رئيس اتحاد الصناعات الصغيرة والمتوسطة بالإسكندرية أن تواجد إنجلترا فى مصر يمثل دلالة كبيرة على نمو الدولة المصرية اقتصاديا.
واستكمل المنشاوى حديثه بتأكيد أن إنجلترا لا تنظر لمصر على أنها دولة استثمارية وحسب وإنما تعمل أيضا فى مجال الخدمة المجتمعية والمنح الدراسية وغيرها من الطرق التى تخدم بها المجتمع المصرى، وعلى سبيل المثال هناك اتفاقيات تفاهم تعقدها «بريتش بتروليوم» فى مجال خدمة المجتمع والتعليم وغيرها من الأنشطة غير الهادفة للربح وإنما للتنمية بصفة عامة داخل البلاد وهو مجال يجب الإشادة به مع التمنى بأن تقوم الكثير من الشركات الأجنبية بالسير فى نفس الطريق. •
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف