من أكثر إعلانات التليفزيون الرمضانية عمقا وتعبيرا عن حال كثير من الناس في مصر من وجهة نظري- هو إعلان أحد البنوك عن دعمه الشباب والمهمشين وااللي ما فيش حد بيعملهم حساب ويمثلهم شخصية شاب اسمه رؤوف دائما ما يردعه ويقهره أبوه علي فعل أشياء لا يريدها ولكنه في النهاية يضطر يفعلها تحت ضغط قهر السلطة الأبوية؟! في مصر ينتشر نموذج رؤوف وأيضا الأب.
في مدارس وحتي جامعات الحكومة ،الطلاب مضطرون لسماع كلام المدرس والأستاذ وحفظ مناهج بالية وممنوع عليهم البحث والاستنباط والإجابة الحرة وإلا فإن الرسوب وإعادة السنة يصبحان نتيجة لهذا التهور الذي يعمل العقل والنقد. وفي البيت كذلك ،فمنذ نعومة أظفار الطفل وهو يواجه بنصائح من عينة (لما الكبار يتكلموا فعلي الصغار الصمت)، وما (تسمعش كلام حد غير بابا) وانت (هتعرف أد بابا ولا ماما ولا حتي الأخ الأكبر)؟!.
وحتي في الشغل والعمل دائما ما كان المدير أو الرئيس هو الذي علي حق؟!
وعند اتخاذ القرارات الحكومية فالشعب آخر من يعلم، وأول من يكتوي بنار تأثيرها، وهو الذي يحمل الهم والحزن (بفتح الحاء)؟!.
هذا المناخ المريض لا ينتج إلا إنسانا مشوه الشخصية منقادا إلي أي أحد يمتلك سلطة، وغير قادر علي الابتكار وتخسر البلد ويتحول الوطن إلي مكان يسكنه بشر مجرد أرقام قومية، يأكلون ويشربون ويتناسلون ،بينما الوطن لا يبنيه إلا أصحاب العقول والعلم والشخصية القوية القائدة التي تغير العالم وربما الكون إلي الأفضل. مصر في حاجة إلي نخبة رشيدة ،وعادلة وصاحبة فكر ورؤية، وكذلك شعب متعلم جيدا فيعمل له ألف حساب!.