أحمد سعيد طنطاوى
المقاول حول حياتنا بلا منطق؟!
عبر صفحات الفيسبوك وقنوات اليوتيوب انتشر فيديو يوضح كيفية إدخال نفق تحت طريق سريع خلال عطلة نهاية الأسبوع، كان النفق فى هولندا وتمت عملية إدخاله بنجاح خلال يومين فقط.. أى أنك تستطيع الذهاب إلى زيارة الوالدة فى قريتك لمدة يومين "خميس وجمعة" ثم تعود إلى مدينتك فتجدها لم تتأثر بل تحولت إلى الأفضل.. لا إلى الأسوأ.
عادة ما تكون حياتنا صعبة كلما شرعت الدولة فى بناء أو تجديد طريق نستخدمه يوميًا.. هذه الصعوبة قد تمتد لعدة شهور أو سنوات على حسب الخطة الزمنية للبناء أو لإعادة الإحلال والتجديد للطريق.. وللحقيقة فحياتنا تزداد صعوبة من جهة أخرى على حسب منطق المقاول وذكائه وليست الخطة الزمنية وحدها.
عندي آلاف الأمثلة التى أمر عليها يوميًا، والتى يمكن أن أضربها لكى أقول أن منطق المقاول قد يكون بعافية حبتين.. وهو الأمر الذى لن يجعله يقع تحت طائلة القانون.. أو لن يقترب منه أحد.. فالقانون لا يعاقب على المنطق ولا على عدم الإكتراث.
خذ عندك مثالًأ واضحأ.. مزلقانات السكك الحديدية.. فكرت الدولة مشكورة أن تحولها إلى مزدوجة الاتجاهين، هذا شيء جميل ويستحق الثناء.. لكن الشيء غير الجميل والذى يستحق المحاكمة هو أن يستمر بناء وتحويل أحد المزلقانات، الذى لا يتعدي عرضه 6 أمتار وطوله نحو 12 متر لفترة زمنية تصل إلى نحو العام أو العامين.. هنا وجب السؤال البديهى.. أى منطق فى ذلك؟!! أو أى جدول زمني يسمح بذلك؟!
للمقارنة وابداء الإندهاش وضرب كفا بكف.. يمكن مشاهدة فيديو النفق الهولندي بالبحث عنه على جوجل تحت اسم: "20-5-2016 Timelapse A12 70 meter tunnel in one weekend under highway!!"
عندما سترى الفيديو ستكتشف كيف أن 70 مترًا مرت بسهولة ويسر ودون عناء من تحت طريق سريع بينما 6 أمتار لم تتحرك للأمام لمدة سنة كاملة!!
السؤال مرة أخرى.. ماذا لو كان المقاول يعمل بطريقة منطقية وجهز كل الطوب والحديد والدبش والزلط.. اعتقد أن رصف وتوسعة المزلقان كان لن يتجاوز إسبوعين على أكثر تقدير.. مع العلم أن المقاول لديه معوقات أقل من نفق هولندا لأنه لن يحفر خندقا ولن يوقف الطريق السريع، ومع العلم أيضا أن المجلس المحلى يسمح له بتعطيل المزلقان بشكل كامل وعلى المتضرر اكتشاف طريق جديد للعبور منه، واكتشاف طريق جديد يعادل اكتشاف فاسكو دي جاما طريق رأس الرجاء الصالح.
مثال آخر عن البديهيات والمنطقيات كنت قد أشرت إليه فى مقال سابق.. طريق بنها الزقازيق.. على هذا الطريق تجد من السخافة واللامنطقية ما لا يستطيع أن يستوعبه عقلك.. كيف لمقاول البناء أن يشرع ببناء الكوبري والانتهاء منه فى المناطق الخالية.. ويترك الكوبرى الذى نمر أسفله لعدة شهور؟!!.. كيف له أن يهدم الطريق المستوي السليم لكى يبدأ فى بناء الكوبرى ثم يتركه ويحاول الانتهاء من الكوبرى على ناحيتى الطريق؟!!.
كيف يبدأ فى صب الكمر على جانبي الكوبري الجديد ويترك أهم جزء فى الكوبري وهو الجزء الذى يكون فوق الطريق الرئيسي، ثم يترك الطريق الرئيسي مهملا دون أن يصلحه ويهيئه.. المنطق يقول عليه الانتهاء أولا من الكوبرى فوق الطريق الرئيسي ثم يعمل براحته على جانبي الطريق الرئيسي.
المنطق يقول لنا دائمًا أن نعمل بالليل على الطريق فالزحام يكون أقل وأخف وطأة.. لكن للأسف الشديد الليل هو للسكن والراحة بالنسبة إلى المقاول غير المنطقى.
المنطق يقول أن هناك مشاريع كبرى تم الانتهاء منها فى وقت قياسي لو أراد المقاول ذلك، وعندنا حتي الآن لم نستطع الانتهاء من كوبري ومزلقان على طريق بنها الزقازيق.
المنطق يقول ابدأوا وانتهوا بسرعة من الطريق الرئيسي الذى يعطل ويصعب حياة الناس ثم استكملوا بقية الطريق فى الوقت الذى ترغبون وفى المدة التى تحبون.. ولكن عليكم أن تكفوا عن تحويل حياتنا إلى مزيد من الكفاح والصعوبة والمشقة.. بلا منطق!!