بعد ان قدم من قريته بالدلتا طال تردده علي الندوات الادبية. اكتسب صداقات. وقوم النقاد محاولاته الابداعية. ثم شغلته الخطوة التالية. وجد انه سيكون واحداً من الادباء. يبحث عن الفرصة التي قد لا تتحقق.
أزمة ان يكون الاقتراب من السلطة القائمة آنذاك واسطته إلي المكانة التي يتطلع إليها. وقبل عملاً لا يكلفه مجهوداً. ولا استعداداً ولا أي شيء. بعد ان ينهي المحاضرون في مؤتمرات الحزب الوطني فقرة من المؤتمر. يقف- مصفقاً- أمام جماعات من طلاب المدارس والجامعات يردد الطلاب تصفيقته مشفوعة بهتافات أجادوا حفظها.
لانه أبدي في أدائه تفوقاً لافتاً. وأثني عليه مشرفو المؤتمرات فقد رشح للعمل في وظائف تتصل بالعمل الثقافي. وواصل التصفيق وواصل الترقي بالتالي. يتطلع إلي أسماء متحققة مثل فوزي فهمي وجابر عصفور وسامح مهران حتي وجد نفسه في النهاية رئيساً لهيئة ثقافية.
راجع صاحبنا نفسه أدرك انه بلغ مكانته بالتصفيق أي بوسيلة لاتحتاج إلي قدرات ثقافية أو إدارية مجرد أن يصفق ويتبعه آخرون ومارس عمله الوظيفي بطريقة المشرف الذي يلقي الاوامر ليحيلها المعاونون دراسات وقرارات ثم يوقعها مثل قيادة المصفقين تماماً ويصفق المعاونون بمعني أن القرارات تجد سبيلها إلي التنفيذ.
المشكلة هي عدم فهم الرجل طبيعة عمله فهو يتخذ أحياناً قرارات فردية لا يلجأ فيها إلي دراسات المعاونين ولا آرائهم هواه الشخصي يملي عليه العديد من القرارات الخاطئة. وعندما يراجعه معاونوه يصر في عناد طفل علي ما فعل.
أليس هو صاحب القرار؟!
حتي الان فإن الرجل يعاني تداخل المعاني وتشابكها لايعرف قيمة المنصب الذي لم تؤهله له قدرات حقيقية إيقاع التصفيق يختلف عن الاعداد وخطط التطوير أشبه بمن يجد الفانوس السحري بين يديه يتحسسه ويعلن مطالبه متناسياً ان المطالب محدودة ومحددة وفي لحظة لايتوقعها يصارحه خادم الفانوس ان الوقت الذي ضيعه فيما لايفيد أساء إلي قيمة ما كان يستطيع الفانوس صنعه جاءت النتائج سراباً بامتياز!
يذكرني الرجل بذلك الذي مارس نظرية قتل الاب باقتدار وأساء إلي كل من ساعدوه في بداياته المتعثرة وحين سئل: لماذا فعلت ما فعلت؟ أجاب ببساطة الحياة القصيرة!
هامش:
قال الروائي الانجليزي إتش جي ويلز لجيمس جويس- عقب قراءته لرواية جويس "يولسيس" لقد تمتعت أنت بكتابة الرواية أكثر مما تمتعت انا بقراءتها لا وقت لدي لحل كل هذه الاحاجي والالغاز أو أن أخصص لها ساعة من الساعات الباقية في حياتي يكفي استمتاعك بالوقت الذي قضيته في كتابتها