الأهرام
سكينة فؤاد
الظهير الشعبي.. وحق أن يعرف ويطمئن
الغضب المشروع حبا للأرض وللوطن أمر يختلف تماما عن استغلال هذا الغضب لحرق الوطن بكامله وتحويل قضية الجزيرتين إلى ورقة أخيرة بعد أن احترقت جميع أوراقهم التى استخدموها من قبل ومنذ الخروج العظيم لعشرات الملايين من المصريين فى 30/6 لاسترداد ثورتهم واسقاط حكم الجماعة.. انهم ومعهم كل من له ثأر مع الثورة لم يتركوا محنة أو شدة أو ظروفا صعبة أو تآمرا يعتقدون أنهم يستطيعون به الانتقام واسترداد ما يتوهمون أنه ضاع منهم إلا واستغلوه.. ودائما.. دائما.. وسيظل بإذن الله الفشل حليفهم.. والآن يتصورون أن المشاعر الوطنية لجموع من المصريين بسبب الجزيرتين بوابة ذهبية لن تتكرر لاقتناص هجوم جديد واسقاط دولة 30/6.. انهم يواصلون تأكيد أنهم لا يعرفون طبيعة المصريين ولا يدركون حجم غضبهم على ما دفعوه ومازالوا يدفعون من دماء وأرواح أبنائهم مدنيين وعسكريين لإنقاذ بلدهم مما زرع فى أرضها من إرهاب وما دبر وأدُير من مؤامرات دولية وإقليمية وداخلية ـ لم يفقد المصريون الذاكرة لينسوا إهانة مصر «وطظ فى مصر» ومن لا يؤمنون بفكرة الوطن وحرمة التراب الوطنى ومن خططوا لاقتطاع قناة السويس ومدنها واقليمها بأكمله من جسد مصر وإهدائها لقطر ويضعون غطاءً خادعا جديدا اسمه الحفاظ على الجزيرتين ويوجهوا الاتهامات بالخيانة لمن يدفعون الدم والحياة حفاظا على تراب الوطن.. الجيش الوطنى وقائده.. أعداؤهم الألداء ومن كانت استجابتهم لإرادة عشرات الملايين فى 30/6 سببا فى إسقاط ما خططوه لحكم مصر 500 عام.

أما الغضب الأمين والصادق للأرض والحفاظ عليها فهو حق مشروع يقتضى الحكمة والرشد فى التعامل معها ومع الآثار المترتبة عليها ومع الأخطاء التى شابت إدارة الملف السياسي.. وتغييب المصريين عما كان يدور خلال إحدى عشرة جلسة قيل إنها تمت بين الجانبين المصرى والسعودى خلال 6 سنوات وما قيل أيضا إن حكومة الرئيس الأسبق أقرت فى 1989 وأُعلمت به الأمم المتحدة ونشر فى الجريدة الرسمية!! ولماذا أخفى حينها عن المصريين؟!! وأن معالجة وضع الجزيرتين كان يجب أن يدرك أن ارتباط المصرى بأرضه عمرها وعمقها آلاف السنين وأن نقل الأمر من معادلات الوجود والتاريخ الراسخة رسوخ الزمن المصرى إلى معاهدات محدثة لترسيم الحدود البحرية وتحديد المياه الاقليمية ومقتضيات قوانين البحار والقانون الدولى كان يقتضى تهيئة للرأى العام واحتراما وتقديرا لحساسية علاقة المصريين بأرضهم وإعلامهم بالجديد فى قضايا ترسيم الحدود البحرية والمياه الإقليمية وقوانين البحار وبما يخفف ما داخل المصرى من ارتباط عروق وجذور بأرضه أو يسمح بثغرة جديدة لتنفيذ محاولة آثمة من محاولات التآمر ودعوات صناعة الفوضى واستعادة الماضى المتوهم!!

أعترف بأننى لم أعش مثل هذا القدر من القلق والخوف على بلادى من قبل وعلى كل ما مرت به من مخاطر وتحديات.. اعتدت أن يكون العدو واضحا والمصريون يجمعون صفوفهم لمواجهته ويحشدون ويطلقون مخزونهم وأرصدتهم الوطنية وتاريخا من عبقرية المقاومة والصلابة والتحدى لعبور الأزمات وصناعة النصر.. لم أعش مثل هذا القدر من التمزق والصراع وتبادل الاتهامات والتخوين بين المصريين فوق أرضية غضب مشروع افتقد وضوح الرؤية واحترام حق الناس فى أن يفهموا ويعرفوا وضرورة حدوث المتوقع من إساءة استغلال عمق علاقة وروابط المصريين بأرضهم وبما لا يحقق تجاوز الغضب المشروع إلى مهددات أخطر وأكبر تستكمل صناعة الفوضى الشاملة والعنف الخلاق لتلحق مصر وشعبها وجيشها بالدمار والتخريب الذى اجتاح أغلب دول المنطقة ودون مبالاة بالتوقف والبحث عن اجابات لأسئلة خطيرة عما يمر به الأمن القومى العربى والمخططات الأمريكية والأوروبية التى تنفذها أدواتهم الاقليمية وجماعاتهم الإرهابية والمترتبات التى ستطرأ بإنقاذ الاتفاقية وبما لا يجعل الفائز الأوحد دائما هو أمن وسلامة الكيان الصهيوني.

الملايين الذين يتكون منهم الظهير والأرصدة الشعبية والذين يمثلون القلب الحامى لثورتهم تحملوا التوابع القاسية للأزمات التى فرضت على بلدهم وميراث عشرات السنين من الفساد والإفساد والنهب والسرقات والتى تبلورت فى ثورة من أهم وأخطر الثورات فى تاريخنا الحديث لاسترداد الأرض وإيقاف تمادى سرقة وطن!.

أثق أن هذه الأرصدة الشعبية الحامية لن يستطيع أحد أن يزيف وعيها أو يهزم صمودها الأسطورى الذى يجب دعمه ومكافأته بإجراءات وسياسات حامية لا تحملهم أعباء وتكاليف جديدة تؤكد أخبار كثيرة أنها ستحدث فى يوليو المقبل ودون ردود أو إيضاحات من الحكومة وأن تُحال وتُحمل هذه الأعباء الجديدة للقوى الأقدر التى تزداد غني.. أحدث قوائم أغنياء العالم تعلن انضمام مصريين جدد إليها. ولكل من تربحوا وأثروا على حساب هذه الأرصدة الشعبية وتوثيق روابطها ببلدها ودعم ثقتها واطمئنانها بشراكة حقيقية تؤكد السيادة والاحترام لها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف