بوابة الشروق
جمال قطب
القضاء «مسئولية ــ مبادئ ــ رجال ــ مهارات»؟؟ 24 ــ ضوابط العمل القضائى- أ
ــ1ــ
يباشر القاضى نظر القضايا على وعد شرعى بأنه سينال أجرا أو أجرين إذا كان متخصصا متزودا مسلحا بعلمه وخبرته، فجلوسه للقضاء اجتهاد والاجتهاد جهاد فى سبيل الله، فالقاضى يتفانى فى نظر الدعوى ويحدد دخولها تحت أى نوع من الأحكام، كما يحدد المطلوب للتثبت من حقيقة الادعاء، فإذا أصاب الحق فله أجران: أجر الاجتهاد وأجر إصابة الحق، وإن أخطأ فله أجر واحد وهو أجر الاجتهاد الذى بذله كما وعده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ــ2 ــ
وليس معنى الاجتهاد أن يحاول القاضى البحث فيما وراء ما طلبه المدعى، وما أقره ونفاه المتهم، فالبحث عما وراء المطلوب ليس من الاجتهاد. بل الاجتهاد هو تصور حال كل من المدعى والمتهم وأيهما أقرب إلى الصدق أو أيهما أقرب إلى الصدق أو أيهما أقرب إلى الشبهة ثم بمواجهة الخصمين والاستعانة بالبيانات سواء من الشهادة أو القرائن أو اليمين ثم التروى ومشاورة زملائه أعضاء هيئة المحكمة، ثم استخارة الله ثم النطق بالحكم لذلك فإن المبادئ تقرر «يحكم القاضى بالظاهر، والله يتولى السرائر».
ــ 3 ــ
وما دام القاضى قد بذل وسعه وشاور زملاءه واستخار، فليس عليه تثريب أصاب الحق وأخطأه..لأن حكم القاضى لا يحلل الحرام، ولا يحرم الحلال.. وفى ذلك ثبت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لعل أحدكم يكون الحق بحجته فأقضى له بغير حق، فمن قضيت له بشىء من حق أخيه فقد قضيت له بقطعة من النار».
ــ 4 ــ
ومنذ عصر التدين وعلى الرغم من أن القاضى مجتهد، فإن القضاء استقر على الاستعانة دائما بالأصول إذ ليس له أن يحكم إلا مستندا إلى القرآن الكريم ثم صحيح السنن ثم ما يجمع عليه جمهور العلماء فى عصره. وفى كل ما يستند إليه القاضى فهو مسئول عن اختياراته. وليس له أن يجافى إجماع العلماء فى عصره.
ــ5 ــ
لا يفكر القاضى فى الحكم قبل الانتهاء من سماع الخصمين، فذلك واجب شرعا وعقلا وما فعله الملكان مع سيدنا داوود عليه السلام حينما تسورا عليه المحراب كان تعليما للقاضى بأمرين: أن لا يغلق بابه، ولا يحكم إلا بعد سماع الخصمين، وقد يبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والفقهاء بعده.
ــ 6 ــ
من استكمال القضاء بعد سماع الطرفين ينقل القاضى كلام كل خصم إلى الآخر طالبا رده على الاتهام. حتى يتبين من المواجهة أيهما أشد حجة. وهذا التصرف من القاضى ضرورى قبل البحث والتحرى والتثبت. إذ إن مساعدة كل طرف على مخاطبة خصمه أصل لا يجوز تجاهله حيث أن لكل طرف حرية قبول الاتهام ورده.
ــ7ــ
للقاضى مع الاجتهاد والمشورة أن يتريث أولا ثم بعد أن ينطق بالحكم فعليه أن يداوم التفكر فيما حكم به، فإذا بدا له وجه أكثر صوابا سارع بالعودة إلى الحق، فالمبدأ الشرعى يقول: «الرجوع إلى الحق خير من التمادى فى الباطل». ولذلك فالأمة كلها فى مسيس الحاجة أن يغيروا ثقافتهم حيال صور وأحكام القضاء، فلا يبدأون تنفيذ الحكم إلا بعد أن يصبح الحكم باتا نهائيا.
ــ 8 ــ
ومن نافلة القول أن تذكر أن القاضى لا يحكم على مجهول (موضوع الحكم) والمفروض على القضاء إما أن يكون عقارا أو منقولا، والعقار لا ينقل إلى ساحة المحكمة لذا يجب أن تحتوى الأوراق على تعريف كامل للعقار بحدوده وجيرانه ومساحته ومحتواه، كما تنص العقود: «المعرفة النافية للجهالة» وهنا تبدو عظمة وأهمية «التوثيق والإشهار» أما إذا كان منقولا سهل النقل فلابد من وصفه أمام القاضى، وإن كان المنقول أثاث وآلات يصعب نقلها ثم توصيفها بما يضمن استكمال علم القاضى بالشىء فإن أحكام القضاء لا تصدر على شىء مجهول.
يتبع
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف