أ.د.محمد محمد داود
البحث العلمي ضرورة حياتية
لقد ميز الله الإنسان بالعقل. واصطفاه علي جميع الخلق بما آتاه من قدرة علي التمييز والمعرفة. تلك التي عبر عنها القرآن الكريم بالأمانة في قول الله جل ثناؤه: "إنا عرضنا الأمانة علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان..." الأحزاب: .72
والمعبر عنها أيضاً بالكلمة. قال عز وجل: "وعلم آدم الأسماء كلها" البقرة: ..31 هذا التعليم الإلهي لآدم عليه السلام ومن ومن ثم لذريته من بعده هو الذي أعطي الإنسان خصوصيته وامتيازه علي سائر المخلوقات.
ومن هنا كان البحث عن المعرفة طبيعة فطرية إنسانية. فالإنسان يتساءل ويبحث في فضول لا يشبع حتي يعلم ما لم يكن يعلم. كما أن للبحث العلمي ضرورات واقعية تحتمه. كاختراق حجب المجهول. وتطويع قوي الطبيعة لمصلحته. فإن الله عز وجل قد سخر كل المخلوقات للإنسان: "وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً" الجاثية: .13
كذلك يحتاج الإنسان إلي الغذاء والكساء والدواء والمسكن. وكل هذا لا يتأتي له إلا باستخدام العلم والتكنولوجيا. وإلا لكان الإنسان كباقي الحيوانات يكتفي بما يلتقطه. ولا يجد سبيلاً للإبداع يمكنه من استغلال ما خلق الله لمصلحته.
لا يستطيع الإنسان أن يبني حضارة وحياة تتفوق علي سائر الحيوان من دون العلم والبحث العلمي. ولقد تكاثر النوع الإنساني تكاثراً كبيراً بحيث ملأوا أرجاء الأرض. من المناطق الصحراوية إلي المدارية إلي صقيع الثلوج قريباً من القطبين. وهذا التنوع الجغرافي أعطي للإنسان ميزة القدرة علي التكيف مع كل البيئات. ولم يكن ذلك إلا بالعلم والمعرفة والبحث العلمي من أبسط أشكاله إلي أكثرها تعقيداً. فلقد كان الإنسان ينظر إلي السماء فيهتدي بنجومها. ثم صار الآن يوجه تليسكوباته إلي السماوات ليعرف حركات الأجرام ويتأمل تاريخ الكون. وينظر في صخور الأرض وتربتها. ويستخرج ما أودعه الله فيها من خيرات. وكل ذلك بما وهبه الله من معرفة.
لقد كان للعرب والمسلمين أمجاد كبيرة في مجال العلم. استجابة لدعوة القرآن الكريم في الحث علي المعرفة والتماس العلم في كل مجال.
"قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق" العنكبوت: 20 سار المسلمون في الأرض وتوصلوا إلي كثير من العلوم والمعارف التي ظلت نبراساً للعالم كله حتي عهد قريب.
ثم أصابتهم فترة وركون إلي اليأس والجهل. فدخلوا في عصور مظلمة نهض فيها غيرهم وتسلموا الراية لقيادة الإنسانية.. فهل لنا من عود حميد؟!