عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. العمود موضوع مش سهل
أن نكتب كل يوم عمودا يقرأه الناس.. موضوع صعب للغاية!!! فقبل أن تكتب لابد أن تكون هناك "فكرة جديدة".. لذا سمي علي أمين عموده "فكرة"!!!.. ومن الصعب أن تجد فكرة تهم الناس كل يوم.. وإذا وجدتها فقد تجد معوقات في نشرها.. فتبحث عن فكرة أخري.. وقبل أن تمسك بالقلم لتكتب قد تدرك بحاستك الصحفية أن هذه الفكرة الثانية تافهة جدا بالنسبة للفكرة الأولي التي هي حديث كل الناس.. فتتردد.. وتتأخر في الكتابة.. والمطبعة في انتظارك.. والتليفونات تدق!!! "موضوع مش سهل" لمن يحترم اسمه وقلمه وتاريخه!!! ممكن أن تكتب "أي كلام" مثل معظم الزملاء.. ولكن ستخسر بالتدريج القراء.. الموضوع مش سهل.. الأفكار المهمة التي تهم الناس موجودة.. ولكن قد يكون لك وجهة نظر بعد طول ممارسة وقراءة وعلم وخبرة تعدت الستين سنة بسنوات طويلة "البعض" قد يراها وجهة نظر غريبة.. فلا يصح نشرها!!!.. موضوع مش سهل!!
***
نفس الحكاية.. في الدراما.
إذا كان لابد للكاتب من فكرة يكتب عنها.. ففي الدراما "الفن السابع بالذات" لابد فيه من حاجة اسمها "تيمة".. أقرب تفسير لكلمة "تيمة" هي أنها سيناريو الفيلم أو المسلسل في ثلاث جمل!!!.. السيناريو والحوار الذي يُكتب علي ورق يحتاج لشيال من محطة مصر التيمة تلخصه في جملتين أو ثلاث!!!
حتي هذه "التيمة" أصبحت مشكلة عند مؤلفي الدراما.. لذا نجد القمة الكبيرة يوسف معاطي يعود لتيمة البخيل منذ سنوات وتيمة العفاريت هذا الموسم.. بعد كل هذه الأفلام والمسرحيات بالذات.. لا شك أن قلم يوسف معاطي أسعد الجماهير بمعالجات جديدة تماما مع وجود الزعيم تمثيلا وابنه رامي إخراجا.. ولكن مازالت الناس تذكر فريد شوقي وبخله.. وعفاريت المسرح الكثيرة!!!
أيضا تيمة "أوتيل" الفندق الأمريكي الذي امتد علي طول السنة.. حلقاته استغرقت 12 شهرا!!! تم دبلجة الحوار بكل لغات أوروبا التي كانت تتابعه يوميا لمدة سنة كاملة.. نعم المسلسل المصري تمت معالجته علي الطريقة المصرية.. ولكننا لا نستطيع أن ننكر أنها نفس التيمة.
والموضوع قديم.. فريد الأطرش لم يأخذ التيمة فقط لفيلم إجازة في سبتمبر بل أخذ التيمة والسيناريو والحوار.. وكذا فيلم أمريكي أيضا.. أشهرها فيلم صلاح ذوالفقار مع شادية وحسين رياض مثلا.
***
قد تقول لي إن المكتبات بل أسوار الحدائق العامة مليئة بالكتب.. ومعظمها قصص تصلح للسينما أو المسلسل أو المسرح.. فأقول لك إن المؤلف الذي يكتب ليل ونهار ليكسب قرشين يخشي من الكتب لأن أصحابها أو حتي الورثة سيطالبونه بأضعاف ما كان يطمع أن يأخذه.. ثم الكتّاب الكبار باعوا قصصهم للفن السابع مثل نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ونعمان عاشور ويوسف إدريس وغيرهم!!! قبل الوفاة!!!
***
هناك حكاية طريفة.. قديمة.
كشيء طبيعي.. في بداية ثورة يوليو.. وقبل تأميم الصحافة.. كانت الرقابة علي الصحف لا تطاق!!! ماذا فعل علي أمين صاحب أنجح عمود يومي!!!.. اشترك في كل المجلات الأجنبية التي تصدر في أوروبا.. وكان يجد فيها حكايات غريبة مثيرة أو هجوماً علي رئيس أو وزير أوروبي فينشر كل الشتائم والناس تضحك وهكذا سنوات طويلة!!! ألم أقل لكم من قبل أن علي أمين ومحمود عبدالمنعم مراد صاحبا أشهر أعمدة صحفية في تاريخ الصحافة المصرية.