لا أعرف هل الزمان الذى تغير أم نحن الذين تشددنا أكثر من اللازم؟، المفترض كلما مرت السنوات زادت الثقافة، واتسعت المعرفة، وتطورت الحضارة، وهذبت وتبدلت العادات، لكن للأسف يبدو أن البلدان العربية تسير بالعكس، الشعوب مع الزمن تتطور، ونحن نعود للوراء، خاصة فى المسائل الشرعية، نزداد تشددا وتعصبا وانغلاقا، هل لضعف الأنظمة الحاكمة أم بسبب ديكتاتورية الأنظمة؟، هل لغياب العدالة أم بسبب تقييد الحريات؟.
زمان عندما كنا ندرس حياة وأشعار عمر بن أبى ربيعة، لم نكن نندهش عندما يؤكد مدرس اللغة العربية لنا أنه كان يذهب إلى الحج ويقف بجوار الكعبة «ويعاكس النسوان»، ولم نقرأ في الصحف أيامها مقالات تهاجم الشاعر أو مؤلف كتاب النصوص أو وزارة التربية والتعليم، لأنهم اختاروا هذا الشاعر ضمن المقرر الدراسي، كما لم نقرأ أن أحد المشتغلين بالدين قام وخطب في الناس مكفرا عمر بن أبى ربيعه الفاسق الداعر الذي تعدى على حرمة بيت الله، كانت الحياة طبيعية وسهلة وبسيطة جدا، ما فعله ابن أبى ربيعه عليه أن يتحمل وزره، وكنا نضحك من قلوبنا ولا أذكر أن احدنا نطق بكلمات مثل: الحرام أو الكفر، وأكبر كلمة كنا نسمعها من مدرس المادة : أنه أفسد حجته، تماما مثل الذي أفسد صلاته أو صيامه، هذا الشاعر لو صادف وعثرنا عليه اليوم في أحد الكتب المدرسية قد تقوم الدنيا على ساق واحدة، مقالات وموضوعات وتقارير وحوارات وبيانات وخطب وطلبات إحاطة، ومشاجرات في برامج التوك شو: كيف تقرر الوزارة أشعار هذا الرجل الفاسق الملحد الكافر ابن الكافرة، هل الوزارة تريد أن تعلم أولادنا الفسق، هل تهدف إلى نشر الرزيلة والفحشاء فى بيت الله الحرام، هل ترغب في أن يكون هذا الكافر الفاسق الداعر قدوة لأولادنا؟، هذا مع أن هذا الشاعر حضر بعض الصحابة والتابعين، وكانت أشعاره يرددها الحجاج، ولم يخرج أحدهم مكفرا له، ولا اخر أحل دمه، والأخبار التي وصلتنا تشير إلى أن بعض النساء كانت تذهب إلى الحج خصيصا لكي يتعرض لهن بأشعاره، ونفس الأخبار أكدت انه كان يتجنب نساء القبائل الكبيرة لكي لا يثأر رجالها منه، ونحن بالطبع لا نهدف من كلامنا هذا أن نقر ما كان يفعله ابن أبى ربيعة الداعر الفاسق في بيت الله الحرام، ولا نسعى إلى التقليل من حجم أفعاله وفسوقه، بل نرغب فقط في توصيفه ووضع الوقائع في حجمها الطبيعي، وهذا الشاعر أيامنا قيل انه أفسد حجته، وتعرض لأنثى وغازلها وراودها وشهر بها، كما أنه تعدى على حرمة بيت الله الحرام، ووجب عليه التعذير: الجلد، الغرامة، الحبس، والنفى، لأنه فاسق وداعر، وقد وصلتنا بعض الأخبار، لكنها غير مؤكدة، التى تشير إلى حبسه ونفيه.
هذا الشاعر اليوم بعد مرور أكثر من أربعين سنة، وبعد التطور التكنولوجي والحضارى، بعد الفضائيات، والإنترنت، والمحمول، والقلب المفتوح، وتغيير الكلى، وزرع الكبد، وتفكيك بعض البلدان العربية، وظهور داعش، والنصرة، وبوكو حرام كيف نراه، وما هو توصيفه؟