أشرف العشرى
الجامعة وأبو الغيط المفترى عليهما
بالرغم من مرور أكثر من أسبوعين حتى الآن على اندلاع حريق الأزمة القطرية وتداعياتها مع عدد من العواصم العربية التى تضررت كثيراً نظير الجرم القطرى طويلاً بحقها يبدو أنها مازالت تراوح مكانها ولا يلوح فى الأفق اليوم أو غداً أو بعد أسابيع مايشير أنها اقتربت من نهايتها بسبب حالة العناد الاستراتيجى لحكام قطر، ولجوء عائلة تميم إلى إتباع سياسة الهروب إلى الأمام بدلاً من الاعتراف بالخطأ وتحكيم العقل والواقعية السياسية حيث كشفت هذه الأزمة صحة القول بأن عقلية تميم وآل حمد فى القصر الأميرى بالدوحة عقلية كيدية ثأرية متآمرة حتى على أبناء العمومة معهم فى الخليج.
ومع استمرار تراجع أفق الحل لهذه الأزمة لم يستهونى بعض كتابات وتحليلات نفر من المصريين والعرب الذين كتبوا مقالات رأى أو أطلوا على بعض الشاشات الفضائية يغمزون فيها من قريب أو بعيد عن دور الجامعة العربية وغيابها فى حل الأزمة.
ومع قناعتى السياسية أنهم جميعا قد جانبهم الصواب لأنهم كان الأولى أن يتبنوا قراءة سياسية واقعية عبر الإدراك أن هذه الأزمة أصبحت منذ اللحظة الأولى أزمة دولية وأن الجانب القطرى أراد لها منذ اللحظة الأولى أن تتجاوز الحدود والآفاق، وأنه كان مبيت النية لإشعال الحرائق السياسية مع اخوانه الخليجيين وأشقائه العرب بعدما استند فى ركائز تحركاته الخائبة مع عدوين للعرب لديهما أطماع وأجندات فى المنطقة وهما إيران وتركيا حيث من أسف سقط تميم ومن قبل والده حمد فى فخيهما، ووضع كل البيض القطرى فى سلتهما، فكانت النتيجة الطبيعية أن سقطت قطر بفعل تحريضهما طيلة الوقت لها ضد أشقائها فى الخليج ومصر.
وبالتالى معظم الكتابات التى تظهر هنا أو فى صحف عربية وتدفع بالجامعة العربية وأمينها العام فى خضم هذه الأزمة غير واقعية ومدركة وملمة بطبيعة الخلاف الذى هو نتاج مراكمة من التجاوزات والمؤامرات القطرية وكان يتوقع له الانفجار بين الفينة والأخرى.
ولا مبالغة فى القول أن هناك جهداً ملموساً من قبل الجامعة العربية وأمينها العام أحمد أبو الغيط قبل وبفترة طويلة وبعد انعقاد القمة العربية الأخيرة من منطقة البحر الميت بالأردن لتصحيح مسار العلاقات العربية ـ العربية، والسعى نحو تصويب العلاقات والأزمات العربية وكان ولايزال هناك انعطافة إيجابية مع شخص السيد أبو الغيط بما يتسم به من مبادئ أخلاقية وسياسية وحنكة وخبرة طويلة عريضة فى فك الأفخاخ السياسية والدبلوماسية وعلاقاته متشعبة ومنفتحة مع عديد القادة ووزراء الخارجية والسياسيين العرب، بل ولدى دول العالم أجمع بحكم تاريخه السياسى والدبلوماسى الطويل، وقدرته على حلحلة كثير من الأمور والقضايا السياسية الشائكة فى مراحل سابقة حيث نجح فيها بامتياز عبر تاريخه، ودوره فى الدبلوماسية المصرية معهود.
وبالتالى لو كانت أتيحت الفرصة للجامعة وأمينها العام للتعاطى مع هذه الأزمة وأفسح طرف مثل قطر الطريق أمامها لكانت كتبت لها نهاية سريعة ومرضية، ولكن الطرف القطرى كانت له رهانات متباعدة ومتباينة تماماً عن هدف ودور الجامعة العربية، وحتى مع الدول العربية الأطراف الرئيسية فى الأزمة.
وبالتالى الطرف القطرى هو الذى خطط وتآمر على إبعاد أى دور مرتقب للجامعة فى حل الأزمة لأنه هو الذى أراد تدويلها منذ اللحظة الأولى مع العلم أنه ربما لم يرسل أى اشارات إيجابية للجامعة وأمينها العام عندما سعوا منذ اللحظة الأولى لجس نبض ورد فعل الجانب القطرى لفرص التعاطى العربى مع تفاصيل هذه الأزمة واستحكاماتها. وبالتالى من الظلم البين الاشارة هنا أو هناك لأى تقصير من قبل الجامعة والأمين العام أبو الغيط لتفاصيل المشهد فى هذه الأزمة حيث الطرف القطرى هو من سد الأبواب وأغلق النوافذ أمام أى دور للجامعة، لأنه يعرف حجم الإدانة ومراكمة الأخطاء التى وقع فيها وارتكبها، وبالتالى كانت الجامعة وأمينها العام سيقولان له لقد وقعتم فى الخطأ كثيراً، وبالتالى عليكم فى قطر إذا لم تتمكنوا من تغيير اتجاه الريح إذن فغيروا الشراع أو بأدق صراحة إذا لم تكونوا قادرين على تغيير وجهة الريح فعليكم فى قطر تغيير وجهتكم.
وهذا بالطبع ما لا تريد قطر سماعه فذهبت بعيداً باتجاه التصعيد والمضى قدما فى شطط العناد وتجاوز المدى، وبالتالى على الذين يستغلون مثل هذه الأزمات لجعل الجامعة وأمينها منصة إطلاق فليتوقفوا من الآن فصاعداً حفاظاً على هذا الكيان العربى الذى بمرض، ولكنه لا يموت فلا أمل ولا مستقبل لعمل جماعى عربى إلا عبر الجامعة فأعطوا الفرصة لأبوالغيط لاستكمال مسيرة إصلاح وانقاذ الجامعة، فالرجل يبذل الجهد ولديه الكثير، ولكن يحتاج إلى مزيد من الوقت، وتضافر جهود عربية رسمية وشعبية لإنجاح المهمة، ويكفى الآن أن الجامعة أصبحت سمعتها أفضل من السنوات الخمس الماضية تحديداً.