الأهرام
أنور عبد اللطيف
فوازير ترامب تقدم دليل براءة تميم !
كل عام أنتم بخير .. انتهى رمضان وبقى منه فزورتان: هل قطر ونظامها مساند للإرهاب والأفكار المتطرفة كما تقول الأدلة والشواهد المصرية والإماراتية وتويتات ترامب أم هو نظام مسالم محاصر بالأعداء.. «غلبان» يستحق الدفاع عن نفسه بصفقة طائرات أمريكية إف 25 يصل ثمنها إلى 12 مليار دولار، واستقالت من أجل الدفاع عنها سفيرة أمريكا فى الدوحة «دانا شل» بعد أسبوع واحد من مطالبة وزير خارجيتها «تليرسون» بتخفيف الحصار عن الإمارة؟

أما الفزورة الثانية: هل يقف المصريون فى حربهم على الإرهاب على أرض صلبة ويسندون ظهرهم على تاريخهم الملئ بملاحم الصمود أم يستسلمون لحالة «محدش فاهم حاجة» ويفقد الثقة فى أنفسهم وفى جيشهم الذى انقضت على سمعته معاول التشويه بعد موافقة مجلس الشعب «التاريخية المتصربعة» على اتفاقية ترسيم الحدود، حتى كاد بعض المتربصين يعيد إصدار مرسوم 19سبتمبر 1882الذى وقعه الخديوى محمد توفيق وكان نصه: نحن الخديوى المصرى نظرا للعصيان. نرسم ماهو آت: يحل الجيش المصرى؟!

والواقع أن إجابة السؤال الثانى بدأت منذ نحو شهرين، حين خرج علينا الدكتور يوسف زيدان فى حوار تليفزيونى وانقض على واحد من رموز العسكرية المصرية، والفاهمين لحدود أمن مصر القومى وقال عنه: إن صلاح الدين الأيوبى أحقر شخصيات التاريخ، وطالبنا زيدان بشدة: «لا تصدقوا الأفلام فتاريخ مصر لا تصنعه السينما والمسلسلات ـ ومنها أفلام يوسف شاهين وصلاح أبو سيف ونجيب محفوظ ـ وواصل زيدان: لقد مضيت عمرى بين آلاف المخطوطات وخرجت بهذه النتيجة!.. وظل الحجر الذى ألقاه زيدان يكبر «كل يوم» حتى أتحفنا الكاتب وحيد حامد ببيان معاكس قائلا: أن التاريخ تصنعه المسلسلات والدراما وأنا أكتب تاريخ مصر فى مسلسل (الجماعة2) وأضاف: إن جمال عبد الناصر كان عضوا فى تظيم الإخوان المسلمين وأقسم على الطبنجة والمصحف أمام مرشدها بالسمع والطاعة..

وهكذا صار جمال عبد الناصر ومحمد نجيب وكمال الدين حسين من جماعة الإخوان الارهابية تحت قيادة زينب الغزالى وعمر التلمسانى وحكم المرشد مأمون الهضيبى، ووصف وحيد حامد ـ مؤسس الضباط الأحرار فى مسلسل «الجماعة٢» ـ سيد قطب فى حلقة السبت الماضى بأنه «نوع من البشر يتعمل لها ألف حساب عشان الوطنية والتجديد فى الفكر الإسلامى».. وهكذا صار سيد قطب الذى رفض كل النظم التى وضعها البشر مثل الديموقراطية والشيوعية والديكتاتورية وأفتى باستحالة التعايش بين حاكمية الله وحاكمية البشر وهو أساس بلاء الفكر الإخوانى وأذيالهم فى التكفير والهجرة وتنظيمات الجهاد والتوحش الداعشى صار سيد قطب من الضباط الأحرار فى شرع فوازير «جماعة» وحيد حامد!!

وهكذا.. وجدنا أنفسنا مع نهاية الشهر الفضيل أبطال فزورة بلا حل، أولها حالة التخبط والشك فى الهوية لتضاف إلى حالة التخوين المتبادل إثر قرار مجلس النواب بالموافقة على اتفاقية ترسيم الحدود بالشكل المتسرع الذى أديرت به الجلسة، فصارت مصر أمة بلا شكل ديموقراطى وبلا تاريخ ولا رموز ولا ذاكرة وطنية رغم أن لها جيشا عريقا استطاع أن يعبر بها إلى بر الأمان! .. وثانيها: أن تميم السفاح المساند للإرهاب وقتل الأبرياء وزعزعة الاستقرار فى مصر وليبيا وسوريا والامارات لم يتهمه أحد بالحقارة والأخونة كما اتهم صلاح الدين وجمال عبد الناصر، بل والأدهى والأمر أنه كان يعانى العزلة لدعمه جماعات الإرهاب والتطرف ومنحته دول الخليج (السعودية والإمارات والبحرين) مهلة أسبوعين لسحب رعاياه ـ انتهت أمس ـ فصار فى نهاية هذا الحصار يتبارى على مساندته الحرس الثورى الإيرانى والدعم التركى والخارجية الأمريكية ، وصار حليفا استراتيجيا للبنتاجون بعد صفقة الـ 12 مليار دولار!

....

وأبحث عن تفسير هذه الفوازير فى «جنة الشوك» للدكتور طه حسين ،حين يسأل الفتى الشاب أستاذه الشيخ عن معنى بيت الشعر الذى يكثر ترديده: وكتيبة لبستها بكتيبة / حتى إذا التبست نفضت لها يدى،.. فأجابه أستاذه الشيخ: هذا البيت قاله الفرَّار السلمى، وكان رجلا يغرى بالحرب حتى إذا شب نارها وأذكى أوارها لاذ بالفرار..

وانظر حولك ترى أن الذين ينطبق عليهم وصف الفرَّار كثيرون، وأخشى أنهم قد تلبدت قلوبهم فلا تحس، وتعقدت السنتهم فلا تنطق، كما أخشى أن ينطبق على موقف ترامب بعد انقسام إدارته ماقاله »الشيخ» فى جنة الشوك حين فرغ من قراءة صحف الصباح : ترك الأحبة أن يقاتل دونهم / ونجا برأس طمرَّة ولجام، .. وهو البيت الذى قاله حسان بن ثابت فى الحارث بن هشام الذى شهد بدرا مع قريش، فلما دارت عليهم الدائرة فر وترك الأحبة صرعى وفيهم أخوه أبو جهل عمرو بن هشام!

فانظر حولك أيها الشعب المصرى وتنبه فسترى الذين يفرون عن الأحبة حين يجد الجد كثيرون، يدفعهم دائما للفرار الرعب والرهب حينا والصفقات والدولار حينا آخر !
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف