جلال دويدار
خواطر .. «أبو الغيط» .. المنضبط خبرة واطلاع وتحليل
كان مثار إعجابي دائما.. سلوك واداء السفير أحمد أبو الغيط أمين عام الجامعة العربية حاليا ووزير الخارجية الاسبق.. . انه ملتزم بالانضباط والنظام في حياته الخاصة والعمل. كل شيء في هذا الاداء مرتبط بالاولويات والتوقيت والخضوع للتسجيل حتي لا تتعرض أي معلومة مهما كانت صغيرة للنسيان أو التلاشي.
هذه الامكانات في شخصيته فرضت عليه أن يبدأ يومه في السادسة صباحا. حبه للقراءة والكتابة والمتابعات كان وراء جنوحه إلي إصدار عدد من الكتب التي لاقت نجاحا واسعا. هذه الكتب تناولت بشكل فريد قضايا هامة وفاصلة في المسيرة المصرية والعربية السياسية استمدها من عمله الدبلوماسي والسياسي بنجاح لما يقرب من أربعة عقود.
علاقتي بأحمد أبو الغيط تعود إلي ما كان يربطني به من صداقة من خلال عملي الصحفي بوالده المرحوم اللواء طيار علي أبو الغيط الذي شغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة مصر للطيران بعد أنتهاء خدمته بالقوات الجوية. استطيع أن أقول أن جانبا كبيرا من شخصيته استمدها مما كان يتمتع به والده رحمه الله من حيوية ونشاط وتفتح ذهني وجرأة وشجاعة في إبداء الرأي واتخاذ المواقف الواضحة.
رغم أنه لم يكمل عامه الأول في منصبه كأمين عام للجامعة العربية إلا أنه حرص علي أن يتيح للمتابعين والمهتمين بالشأن العربي الذي يواجه المشاكل والتعثرات في مسيرته.. ما قد يكون قد حققه من خلال فعاليات المناسبات التي شارك فيها وحضرها. تم ذلك من خلال تجميعها في كتيب يحمل عنوان »إطلالة علي المشهد العربي الراهن».. كنت أحد الذين تلقوا نسخة منه.
في إطار تقديري لمضمون هذا الكتاب فإنني أعرض مقتطفات مما أحتواه:
أنه وبحكم مهمته ومسئوليته فقد تم ابداء هذه الاراء من خلال الكلمات التي ألقاها في مناسبات جرت في العواصم العربية شملت رام الله والقاهرة و أبو ظبي و تونس ومسقط وبغداد إلي جانب ميونيخ عاصمة الجنوب الألماني.. أهمية ما جاء في هذه الكلمات التنوع الذي تناولته وهو ما يؤكد التمتع بثقافة المتابعة والتحليل الذي يضع الصالح القومي العربي في اعتباره.
أعجبني فيما قاله في وصفه لشخصية الزعيم الفلسطيني الراحل الفريد ياسر عرفات بانها تمحورت في رفض الانكسار أمام جبروت القوة. كان ذلك في مناسبة افتتاح متحف ياسر عرفات في شهر نوفمبر الماضي في رام الله والذي احتوي علي كل متعلقات هذا الزعيم وما أحاط بحياته النضالية. قال أن القضية التي عاش عرفات من أجلها ومازال الفلسطينيون يناضلون في سبيلها لن تموت حتي يتحقق لهم وطن حر مستقل.
وفي لقاء للجامعة العربية انتهي إلي توصيفه للوضع العربي الراهن بالصور ة المختلطة المشوشة التي ضاعت معانيها وتصاعد تعقيداتها وتداخلاتها. قال أن هذا المشهد أصبح يفجع العرب بمشاهد القتل والدمار. حدد للخروج من هذه الحالة.. ضرورة الانحياز للعمل العربي المشترك القائم علي التنسيق والتحرك الجماعي. وفي مؤتمر وزراء التضامن العربي. في تونس تحدث أبو الغيط عن الجسور الاربعة التي تحتاجها عملية النهوض بالثقافة العربية.. أنه يري أن الجسر الاول يتطلب ربط المثقف العربي بقضايا وطنه إلي جانب ربط الثقافة العربية بالعالمية.. أما الجسر الثاني فإنه يقوم علي احياء ماضي الثقافة العربية للانطلاق إلي الحداثة. أما فيما يتعلق بالجسر الثالث فإنه يدعو إلي ان يكون هناك تواصل وتحاور بين المثقفين وأهل السلطة لمنع التوترات في المجتمعات العربية.. ويعد الجسر الرابع والاخير في رأيه بانه يتعلق بالثقافة العربية وأهمية ارتباط المثقف العربي بمجتمعه تجنبا لما قد يتعرض له من أحداث وهزات.