الوطن
سهير جودة
رمضان.. هذا المساء
باستثناء أن هذا الموسم شهد أجرأ وأخطر قضية درامية فى مسلسل «هذا المساء» الذى يطرح ويقتحم لأول مرة قضية اجتماعية خطيرة ومفزعة فإن الموسم الدرامى هذا العام لم يمتلك جرأة فى تقديم أشكال وقوالب جديدة على عكس العام الماضى الذى كان أهم ما فيه «جراند أوتيل» و«ونوس»، جاء هذا الموسم أقل وهجاً فى الأفكار والإخراج، بالإضافة إلى أن هذا الموسم أعلن أن هناك نجوماً ونجمات لا بد لهم من استراحة محارب وإعادة النظر فى الوجود كل عام، فليس ضرورياً أو منطقياً أن يكون لكل نجم أو نجمة مسلسل فى رمضان، فهذه قناعات لا بد من سقوطها، وبعض النجوم وجب عليهم الاعتزال، فالمكابرة لها حدود والانسحاب فى الوقت المناسب قمة الذكاء، وهناك عدة نقاط لا بد أن يلتفت إليها صناع الدراما؛ أولها إعادة النظر فى الأعمال الكوميدية وتعريف الكوميديا، فهذا العام كانت إسفافاً فى إسفاف، وباستخدام إفيهات الفيس بوك جاءت الأعمال وكأنها مجموعة من المونولوجات والنكت رديئة المستوى، فهذه الأعمال تم التعامل معها باعتبارها شيئاً رئيسياً، وبالتالى كانت هى الأعمال التى يفتتح بها بعد الإفطار، والكوميديا بهذه الصورة إساءة وفشل وينطبق على ذلك نوعيات برامج رامز جلال وهانى رمزى.

النقطة الأخرى لا بد من إعادة التفكير فى أن تكون جميع المسلسلات ثلاثين حلقة، وبالتالى يأتى التكرار والتطويل والملل، ولا بد أن تكون دورة التجهيز والإنتاج منظمة حتى تكون خالية من التطويل والملل لملء الساعات فقط ولا يكون هناك مسلسل ثلاثون حلقة إلا ما يستحق، الملل والتطويل كان موجوداً فى عدد غير قليل من المسلسلات رغم أن زمن الحلقة انخفض إلى نصف الساعة، «واحة الغروب» قدمت فيه كاملة أبوذكرى إبهار الصورة والملابس والإخراج وأكدت أنها تمتلك أسلوباً إخراجياً مختلفاً، واستطاع خالد النبوى تقديم تقنيات وطرقاً فى الأداء التمثيلى جديدة وغير مسبوقة، خصوصاً مع صعوبة الدور والنص، فكان أداؤه شلالاً هادراً من الموهبة والتركيز أعلن بها أنه ينافس فى مساحة بعيدة خاصة منفرداً.

ومن نقط التميز هذا العام إعادة الاعتبار لياسر جلال ولموهبته بشكل مذهل، ومن الشخصيات التى أعيد لها الاعتبار فى رمضان هذا العام شريف منير فى «الزيبق»، حنان مطاوع، إحدى أهم علامات التميز، وكما كانت مفاجأة مدهشة فى «ونوس» العام الماضى أعادت إنتاج التفوق وقدمت مشاعر تمثيل مختلفة وحلولاً إبداعية فى شخصياتها فى مسلسلى «هذا المساء» و«حلاوة الدنيا»، وأكدت ميلاد نجمة لا تشبه أحداً، وفى ملعب الكبار احتفظت يسرا ببريقها وقدمت دوراً مختلفاً بكامل لياقة التمكن والرسوخ، وعاد كريم عبدالعزيز مرة أخرى بعد تعثر إلى التوهج والحضور الخاص فى «الزيبق»، وأكدت ماجدة زكى أنها أيقونة الكوميديا والحضور المختلف وطزاجة الإحساس وبراعة الأداء فى «اللهم إنى صائم»، هند صبرى فى مشاعر وأداء بميزان الذهب وإتقان وتفوق تمزج بهما أداء فائق المستوى فى «حلاوة الدنيا».

أحد أهم مكاسب دراما هذا العام أننا أصبحنا نمتلك كتيبة إبداعية متميزة من النجوم يمثلون إضافة مختلفة؛ منهم ظافر العابدين الذى يعد قوة ناعمة فى الأداء التمثيلى بلا صخب ولا ضجيج ويقدم أعلى تجليات وخصوصية الإحساس بلا افتعال وبكامل التمكن، إياد نصار حالة محلقة من التركيز والنبض والإبداع فى «هذا المساء» الذى أعلن بها وصوله إلى أعلى مستويات الأداء، أمير كرارة يحلق بامتياز فى مساحة خاصة فى «كلبش»، «زينة» إعادة اكتشاف فى «لأعلى سعر»، وهناك أجيال تفتح لنفسها مسارات وتعلن بصمتها وتؤكد أنها الجواهر المقبلة، محمد فراج، أحد أهم هذه الجواهر، فهو يقدم موهبته هذا العام بتمكن فى الأداء، فقد امتلك الثقة الكاملة فى مسلسل «هذا المساء».

ومن نقاط التميز فى دراما رمضان هذا العام أيضاً تغيير الشكل النمطى لشخصية الأم؛ فرأينا «أنوشكا» تؤكد التميز والتألق وتقدم شخصية الأم بأبعاد مختلفة، بينما ميرفت أمين التى يشكل دورها مساحة كبيرة فى «لا تطفئ الشمس» جاء أداؤها باهتاً ومحبطاً، بينما كان دور الأم الذى قدمته سلوى محمد على فى «لأعلى سعر» شديد التميز وقدمته بكل الحرفية والتمكن. من النقاط المضيئة فى دراما هذا العام الوجهان الجديدان محمد جمعة، صاحب دور فياض عجمية فى مسلسل «هذا المساء»، الذى أدى دوراً صعباً لرجل يمارس الابتزاز من خلال انتهاك خصوصيات البنات، أما أسماء أبواليزيد بملامحها شديدة المصرية وجمالها الخاص فى نفس المسلسل فقد برعت تماماً فى أداء شخصية الفتاة المقهورة «تقى» التى تعرّضت للابتزاز والتحرش بها، فكان الاثنان معاً إضافة للمسلسل وللدراما المصرية، تامر محسن، مخرج ومؤلف «هذا المساء»، يستحق أن يكون الشخصية الرئيسية لرمضان هذا العام، فقد فتح الباب أمام قضية فى غاية الخطورة ينبهنا فيها إلى أن حياتنا أصبحت على الهواء وكأنها عرض خاص أو ماذا تشاهد هذا المساء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف