الجمهورية
جلاء جاب اللة
من لندن إلي المعادي .. القضية واحدة !
** ما هو الفارق بين حادث لندن.. وحادث المعادي؟ كلاهما حادث إرهابي ينم عن كراهية للمسلمين.. وكلاهما حادث إرهابي الضحية فيه هم المسلمون وكلاهما حادث إرهابي يؤكد أن هناك خللا فكريا وراء كل حادث ينم عن كراهية.
الفارق الوحيد أن إحدي الجريمتين قام بها مسلمون ويعتقدون أنهم يدافعون عن الإسلام ويدعون أنهم يرفعون شعار الإسلام.. والحادث الآخر قام به عدو رسمي للإسلام يكره الإسلام والمسلمين.. فهل هنا فرق آخر؟
حادث ثالث في أمريكا.. شاب أمريكي يقتل فتاة مسلمة أثناء توجهها للصلاة ويلقي بجثتها في بركة ماء.. المؤشرات الأولية للتحقيق تشير إلي أن الدافع هو كراهية المسلمين..!!
الحوادث الثلاثة الإرهابية تحدث في رمضان.. شهر الخير والحب والتسامح.. صائمون يقتلهم مسلمون أو من يدعي الإسلام.. وصائمون بعد صلاة التراويح يدهسهم كاره للإسلام.. فما الفارق؟
بهدوء شديد وبدون تعصب.. السبب هو الجهل بالدين الإسلامي.. ونجاح أجهزة دولية في استغلال الدين سياسيا.. وإحداث حالة كراهية تامة للمسلمين..!!
الإسلام كدين ليس في حاجة لمن يدافع عنه.. فهو أكبر من كل مدافع.. وكل ما يعبر عن الإسلام يحمل في ذاته وفي نتائجه الدفاع الحقيقي عن الإسلام وكل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. لكن المشكلة في المسلمين..!!
بعيدا عن السياسة والحرب والعلاقات الدولية.. ومصالح الدول فإن الآفة الحقيقية فينا نحن لأننا لا نعرف الإسلام حق المعرفة.. ولا نحاول أن نفهم الإسلام الفهم الصحيح.
مقولة الإمام محمد عبده الشهيرة عندما زار فرنسا وقال: وجدت إسلاماً ولم أجد مسلمين.. وتركت بلداً فيه مسلمين بلا إسلام.. كررها أمامي صديق طبيب بعد رحلة علاج في فرنسا عاد منها بسلامة الله وتكللت الجراحة بنجاح والحمد لله.. قال لي: عشت شهوراً هنا أبحث عن علاج وأنا طبيب.. ولم أجد معاملة حقيقية إسلامية.. وسافرت للعلاج في فرنسا وعدت بعد أسبوع والحمد لله بسلامة تامة لأنني وجدت معاملة إسلامية حقيقية من قوم ليسوا مسلمين..!!!
الأزمة الحقيقية فينا نحن وليس في الإسلام.. نحن المسلمين نعيش حالة انفصام دينية.. مثلا نصلي التراويح - وهي سنة - ويكون المصلون في الشوارع في ازدحام المساجد بينما صلاة العشاء التي تسبق التراويح بدقائق أقل عددا.. وصلاة الفرض في الظهر والعصر أقل عددا!!!
الآلاف في المساجد في صلاة التراويح وبجوار المسجد زبالة وقذارة لم يهتم أحد بنظافتها برغم أنها قد تصيب المؤمن بأذي.
الآلاف في المساجد يصلون بل ويخشعون ويبكون وبعد الصلاة يكذبون ويغشون في التجارة وهم ينسون انه لا خير في صلاة لا تنهي عن الفحشاء والمنكر..!!
أعرف جيدا أننا لسنا ملائكة وأننا بشر نخطئ ونصيب وأن كلا منا لديه سلبيات وأخطاء ولو لم نخطئ فنتوب لاستبدلنا الله بقوم آخرين يخطئون فيتوبون لأنه هو سبحانه التواب الرحيم ولكن المهم أن نتوب ونعود إلي الله ونستغفر ولا نصر علي الخطأ.. ولابد أن يكون الدين في الأساس هو المعاملة.. لأن العبادات وهي فرض وواجب وسنة ضرورية لكنها ليست كل الدين.
لقد خلقنا الله سبحانه وتعالي لنعبده.. ولكنه أيضا خلقنا لنكون خلفاء في الأرض نعمرها بالحق وجعل المعاملة الحسنة والخلق الطيب من أساس العبودية لله.. والتقرب إلي الله.. وجعل العمل الصالح قرينا للإيمان في معظم الآيات "ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات......" فالعمل الصالح هو أساس الإيمان وقرينه لكننا نهتم بالشكل دون الجوهر.. نهتم بأن نكون في المسجد ولكن ماذا نفعل في المسجد ليس مهما؟ وعلاقتنا بالله سبحانه وتعالي في حال العبادة وفي حال المعاملة ليس مهما.. وتلك هي أساس المصائب التي حلت بالمسلمين.. لأننا أصبحنا مسلمين بالاسم وشهادة الميلاد.. بينما الإسلام حالة قلبية أولا ثم يصدقها العمل..!!
لقد انتقدت من قبل سفر الآلاف لأداء العمرة كل عام بينما لدينا فقراء يحتاجون دعما ومساندة وتناقش معي بعض الأصدقاء في أن العُمرة للعُمرة كفارة لما بينهما.. والعمرة في رمضان كالحج مع رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقلت إذا كانت العُمرة سنة واجبة ومؤكدة فإن الصدقة أيضا والمساندة للمحتاج وإكرام اليتيم واطعام الطعام كل ذلك واجب وفرض أحيانا.
ان الميت عندما يتكلم ويدعو ربه يدعوه ليعود إلي الحياة ليعمل الخير فيقول: لأتصدق لأن الصدقة هي أهم الفضائل التي شاهد الميت كم هي مؤثرة في حسابه.. ولأن ثواب الصدقة يضاعفه الله لمن يشاء.. فإذا كان العفو عن الناس له جزاء مضاعف لا يعلمه إلا الله وهو وحده يحاسب علي العفو.. فإن الصدقة والاطعام والمساندة للفقراء والمساكين وابن السبيل واليتيم لها أوفي الجزاء.
وقديما قال أحد الأئمة الكبار أن التصدق علي الفقير أولي من بناء المسجد لأن الله سبحانه وتعالي جعل لنا الأرض مسجدا.. ويمكن أن نصلي في أي مكان طاهر.. لكن الصدقة ستغني فقيرا وتساند محتاجا..!!!
هذه مجرد أمثلة لحال المسلمين وفهمهم للإسلام بعيدا عن السياسة والعلاقات الدولية ولعبة المخابرات التي وضعت المسلمين نصب أعينها لأسباب سياسية وماسونية.. فما بالك والإسلام والمسلمون مستهدفون؟
تجديد الخطاب الديني ليس بإعادة قراءة النصوص وكتب التراث فقط.. بل بفهم الواقع أولا.. فنحن نعيش واقعا لا نعيه ولم ننجح في الربط بينه وبين الدين الإسلامي برغم أن الدين يصلح لكل زمان ومكان.. وأن كتاب الله المقدس "القرآن" حفظه الله ورعاه ليكون كتاب المسلمين حتي آخر الزمان فهو الكتاب الخاتم.. أنزله الله علي النبي الخاتم..!!
لا أجد فرقا بين اعتداء هذا المختل الكاره لنفسه.. الكاره للمسلمين في لندن علي المصلين بعد صلاة التراويح.. وبين هذا المختل الكاره للحياة والكاره للمسلمين أيضا فيقتل مسلمين في المعادي أو في شمال سيناء أو في أي مكان كلاهما فاسق خارج عن الانسانية والإسلام هو دين الانسانية..!!
كلاهما فهم الإسلام خطأ.. فادعي أحدهما ظلما انه يدافع عن الإسلام بقتل المسلمين وادعي الآخر ظلما أيضا أنه يخلص الانسانية من المسلمين..!!
تصحيح مفاهيم الإسلام.. وتصحيح المعاني الحقيقية للإسلام.. والاهتمام بالمعاملات الإسلامية لم تعد مطلبا عاديا.. بل ضرورة تحتمها كل قواعد الحياة والدين.
المسلمون في حاجة لمن يدافع عنهم.. والإسلام هو أفضل وسيلة للدفاع.. المهم أن نطبق الإسلام الصحيح خاصة في المعاملات سواء مع نفسك أو مع الآخرين أو مع المجتمع.. أو مع الناس كلهم.. والإسلام واضح في هذه المعاملات لا لبس فيه انقذوا الإسلام يرحمكم الله.
مصر في ليلة القدر
سواء كانت ليلة القدر هي أمس أو غدا.. أو ليلة الجمعة الماضية "أول ليلة وترية في العشر الأواخر".. فالمطلوب أن نعمل طوال العشر الأواخر وكأن كل ليلة هي ليلة القدر.
ليلة القدر خير من ألف شهر.. هكذا قرر الله سبحانه وتعالي رب الليالي والأيام والشهور والأعوام.. فلماذا لا نتعب عشر ليال فقط ونجتهد في العبادة لعل الله يرزقنا بخير من ألف شهر؟
مصر كلها في حاجة إلي ليلة القدر ليمد الله لنا يد العون فنرحم أنفسنا من الغلاء والبلاء وقلة الضمير.. مصر كلها في حاجة إلي ليلة القدر فيتقي كل منا ربه في حق وطنه.. لأن مصر أغلي وأهم من كل مطالب شخصية ورغبات ذاتية.. فمصر هي اليوم والأمس والغد.. مصر هي نحن وأجيالنا القادمة وآباؤنا.. مصر ليست وطنا نعيش فيه.. بل وطن يعيش فينا.. مصر ليست دولة وفقط.. بل هي روح وأمل وغد.. وهي أحوج ما تكون لدعائنا في ليلة القدر بقدر ما ظلمناها بأفعالنا..!!
ليلة القدر قد تكون في أي ليلة وترية من العشر الأواخر فتعالوا ندعو الله بقلوب صادقة ومخلصة أن يساند مصر والمصريين والمسلمين ونحن معهم.
أعرف ان كلا منا لديه حاجات يطلبها من الله ودعوات يتمني لو أن يمن الله عليه بلحظة في ليلة القدر ليدعو بها.. ولكن ماذا لو دعونا لمصر أيضا.
ونحن نقول: اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا.. نقول أعف عن مصر والمصريين أيضا.. وعندما نرفع أيدينا إلي السماء ونتضرع داعين "اللهم ارزقنا العفو والعافية" وندعو أيضا وارزق هذا البلد الأمان والسلام وارزقه وأهله العفو والعافية.
مصر في حاجة لدعاء حقيقي في ليلة القدر تعالوا نكون قلبا واحدا وروحا واحدة.. ونفسا واحدة ونحن ندعو لأنفسنا.. ندعو أيضا لمصر ولأهل مصر.
اللهم هذا حالنا لا يخفي عليك.. وهذا ضعفنا ظاهر بين يديك فعاملنا بالإحسان.. إذ الفضل منك وإليك.. اللهم ارزق مصر والمصريين العفو والعافية يا رب العالمين.. وكل عام وأنتم بخير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف