الأهرام
رجب البنا
دورة الحياة
كل ما فى الحياة معجزة تقود الإنسان إلى الإيمان بالله الخالق بديع السموات والأرض، والموت معجزة مثل كل ما فى الكون من معجزات. ويكفى أن يتصور الإنسان ماذا يحدث للكون إذا لم يكن هناك موت؟ لاشك أن الحياة كانت ستصبح مستحيلة للزحام نتيجة التكاثر المستمر لآلاف بل ملايين السنين، ولذلك فإن الموت والحياة صورتان لحقيقة واحدة.

فكل جسم حى حين يموت تذهب منه الطاقة وهى الروح، وتبقى المادة، وتتحلل المادة الى عناصرها الأولية من معادن وأملاح، وهذه العناصر هى التى تجعل التربة خصبة وتثمر ما يأكله الإنسان والحيوان والطير والحشرات لتعيش عليه ثم تموت وتدور دورة الحياة والموت كل منهما تكون سببا للأخرى وتستمر الحياة. والفرد يموت ولكن النوع يستمر فى الحياة، وبذلك فان الحياة مستمرة والموت هو تجديد وذهاب إلى حيث الحساب على ما فعله فى حياته. ومن الملاحظات التى توقف عندها العلماء أن أكبر ما يصيب الإنسان ويؤدى به إلى الموت يأتيه من داخله.

وخلايا الجسم تعمل بنظام فيه توازن دقيق يحقق صحة وسلامة الجسم، فاذا فقدت خلية من خلايا الجسم اتزانها فإنها تنقسم، ويتوالى انقسامها وتتضخم وتتشعب فى أنحاء الجسم، وتبدو فى حالة من الشراهة مع أنها بدأت مجرد خلية لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، ولكن هذه هي الخلية السرطانية، وهذا ما يحدث فى المجتمعات وعلى مدى عصور التاريخ قامت حضارات ودول وانهارت حضارات ودول بسبب الاختلال الذى حدث فى داخلها.

وكما أن أعداء خلايا الجسم هى «الميكروبات والفيروسات» وهى صغيرة ودقيقة تحوم فى الهواء وفى الماء وفى الطعام، فقد خلق الله خط الدفاع الأول فى الجسم وهو الجلد والخلايا المبطنة للأنف والزور والأمعاء، فاذا استطاع الميكروب أن يخترق خط الدفاع الأول يبدأ عمل خط الدفاع الثانى وهو خلايا مقاتلة تدور فى الدم باستمرار وهى كرات الدم البيضاء. وتدور معركة ضارية ينتصر فيها أحد الطرفين، ويتوقف النصر على قوة كل طرف، وإذا فشل خط الدفاع الثانى يبدأ عمل خط الدفاع الثالث متمثلا فى الأجسام المضادة وهى بروتينيات متخصصة لمهاجمة الميكروبات..

وكل كائن يولد وينمو ثم يموت كما هو مقدر له ولكل انسان، بل لكل كائن حى أجل بل ولكل أمة أجل لقوله تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ) «الأعراف 34» وقوله تعالى (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ) «الرعد 38» والموت والحياة هما الدليل القاطع على قدرة الله واهب الموت والحياة وخالق الكون والقانون الذى يخضع له الكون.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف