المصرى اليوم
غادة شريف
لا تطفئ الشمس.. لأ هنطفيها بقى!
شوف يا حمادة، لقد كنت أعتقد أن أفشل اختراع فى بلدك هو «الألوميتال».. وإننا بلد تسعى بلهاث لتقليد الغرب دون تفكير!..

دائما أرى أن الألوميتال ما ينفعش فى مصر ذات الجو شديد الحرارة الرطب صيفا الذى لا يجدى معه سوى الشباك «الشيش» الخشب بتاع زمان.. ما هو أهل زمان يا حمادة لم يكونوا عبطاء ولا جهلاء.. كنت أعتقد أن غزو الألوميتال هو أفشل اختراع إلى أن شاهدت مسلسل «لا تطفئ الشمس»، حيث وقع الهجوم على قصة ناعمة وفيلم رائع ارتبطنا به وجدانيا، فتغير السيناريو بدعوى تحديثه ليتماشى مع روح العصر!..

فاتضح لى أن أفشل اختراع هو ما ينتجه دعاة «التطوير» و«التحديث» فيحدثون القديم رغم أننا جميعا نتحسر على قديمنا الأحلى من جديدنا ستين مرة.. سواء فى اللبس أو المعمار أو الدراما.. طب وحياتك عندى يا حمادة إنى من بداية رمضان وأنا ماسكة نفسى عن الكتابة عن المسلسل «لا تطفئ الشمس» وأقول لروحى بكرة هيتعدلوا، بكرة هيتعدلوا، حتى اكتشفت إن رمضان تقريبا انتهى وهم لسه ماتعدلوش!.. ربما تكون بالمسلسل ميزة وحيدة فريدة يتيمة الأب والخالة وهى أننى كلما شاهدته أدعو لكاتبه الأستاذ الكبير إحسان عبدالقدوس بالرحمة وبتخفيف معاناته فى قبره إن كانت روحه تشعر بالتشويه الذى حدث فى قصته الجميلة!.. ما هذا الاستسهال للخيانة الزوجية؟.. ما كل هذه اللغوصة فى العلاقات الشاذة؟!..

ما كل هذا الشرب؟.. ما كل هذه المخدرات؟.. ووحياة والديك يا حمادة ألا يكون ردك علىَ إن الطبقات الراقية فى مجتمعنا تفعل هكذا.. محسوبتك من هذه الطبقات الراقية، وصيتى من القلعة، م القلعة لسويقة اللالا لالا لالا، وعمرى ما شفت هذه الجلسات ولا هذه الكائنات المشوهة.. بل إننى أعرف الكثيرين من أبناء رجال الأعمال تتمنى إن ولادك يطلعوا زيهم.. أعرف الكثيرين من أبناء رجال الأعمال تعب أهلهم فيهم باين عليهم!.. بل أزيدك أننى ما حضرت مناقشة بين رجل أعمال وابنه فى أمور تخص البزنس إلا وكان الأب بياخذ ابنه وشين غسيل ومكوة بغرض تصليب عوده!.. على فكرة يا حمادة، أنت أيضا ستجد حولك أبناء الطبقات المتيسرة ماديا.. قد يكونون أبناء مديرك أو رئيس مجلس إدارة الشركة التى تعمل بها أو معارفهم، وستجد أن معظمهم بعيدون تماما عن تلك المبالغة فى الصورة المشوهة التى حملها المسلسل!.. إذن لماذا الإصرار على تعميم الاستثناء؟.. ألا يعلم القائمون على الأعمال الفنية أن الفساد ينتقل بالعدوى التليفزيونية؟.. مازلت أذكر مسلسل «تحت السيطرة» الذى مثلته نيللى كريم عن عالم تعاطى المخدرات وأذكر أن منتج العمل صديقى جمال العدل كان قد أخبرنى أنهم أنتجوا هذا العمل من أجل أولادنا والحفاظ عليهم وهذا طبعا هدف فى منتهى النبل، لكن ما نتج عن عرض المسلسل هو أن من لم يكن يعلم شيئا عن تفاصيل تعاطى المخدرات صارت لديه معلومات لا بأس بها، بل منهم من سعى ليتعلم أكثر ويجرب!.. أما «لا تطفئ الشمس» فما كان يجب أبدا أن يحمل نفس اسم القصة الرائعة، خصوصا أنه لا شبه بين أبطال الفيلم والمسلسل سوى التكوين الأسرى فقط!.

طبعا أنا لن أتحدث عن محمد ممدوح الذى كان أسوأ ما فى المسلسل.. لكن ما استطعت أن أفهمه من كلامه المضغوم فى بعضه كان كفيلا بأن يؤكد لى أن لابد أن تكون روح شكرى سرحان هى أيضا معذبة من التشويه الذى حدث فى شخصيته فى الفيلم، ومازلت لا أعلم وجهة نظرالمؤلف فى تحويل شخصية شكرى سرحان المتحفظة إلى شخصية بلهاء تتهته فى النطق والتعبير!.. لكن أيضا من أجل الإنصاف لابد أن أعترف أن ظهور ميرفت أمين فى المسلسل هو الحسنة الوحيدة الأخرى التى حملت نسيما من الزمن الجميل!.. ميرفت أمين هى أجمل وجه فى تاريخ السينما المصرية.. لكن تبقى حقيقة أن ليس كل تحديث حميدا، وهناك من الجمال القديم ما يجب تركه وشأنه.. ومعلش بقى إحنا عايزين الشيش يرجع تانى!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف