الوفد
علاء عريبى
مبارك رفض والسيسى عفا عنه
بعد أن خففت المحكمة عام 2009 عقوبة رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى من الإعدام شنقا إلى السجن 15 سنة، تردد أن الرئيس حسنى مبارك بصدد إصدار قرار يعفيه من تنفيذ العقوبة، ويومها كتبت هنا رافضا فكرة تخفيف العقوبة أو العفو منها إعمالا بنص المادة 149 من الدستور الدائم(155 من الدستور الحالى):» لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأى مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون».
وقد عزوت رفضى إلى نوعية الجريمة، فطلعت شارك فى جريمة قتل: بالتحريض، والتخطيط، والتمويل، والقتل من الجرائم التى أقر الله عز وجل عقوبتها حفاظا على النفس البشرية من جهة، ولاستقرار المجتمعات من جهة أخرى، واستخدام الرئيس رخصته الدستورية (التخفيف أو العفو) فيه تشجيع وإقرار لإراقة الدماء، وفى حالة طلعت مصطفى يعد تمييزا طبقيا وانحيازا لشريحة بعينها داخل المجتمع.
وأذكر أننى أشرت فى المقال إلى أن الرئيس مبارك لم يستخدم رخصته الدستورية سوى فى قضيتين لاعتبارات سياسية، قضية الجاسوس الإسرائيلى عزام عزام سنة 2004، وقضية الزميل إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور آنذاك،
للأسف بالأمس فوجئنا جميعا بقرار الرئيس السيسى بالعفو عن قاتل سوزان تميم لاعتبارات صحية بعد أن قضى نصف العقوبة المقررة، وهذا القرار فى ظنى ليس فى محله، وفيه انحياز لشريحة بعينها داخل المجتمع، ويعد موافقة ضمنية لأبناء هذه الشريحة على فعل ما يحلوا لهم.
وأخطر ما فى قرار الرئيس السيسى ليس انحيازه إلى رجال عصر الرئيس مبارك فحسب، ولا فى مساندته لرجل صندوق الأجهزة الأسود، بل إن هذا القرار يعد استهانة وإهانة للهيئة القضائية وأحكامها، فالثابت أن دفاع هشام طلعت مصطفى سبق وأقام دعوى أمام المحكمة الإدارية للإفراج عنه صحيا، وقد قضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار يحيى دكرورى، فى 7 سبتمبر 2015، برفض الدعوى (رقم 78536 لسنة 68 قضائية)، طبقا للمادة 36 من قانون مصلحة السجون، وأسست حكمها على أن المرض المصاب به هشام طلعت والأمراض الأخرى التى أصابته، لا تهدد حياته بالخطر أو بالعجز الكلى، ومن ثم ولا يستحق الإفراج عنه صحيًا.
ودفاع طلعت لم يستسلم وتقدم بطعنين فى الحكم، ونظرا أمام الدائرة الأولى فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة، وقد قررت منذ أسبوع(17 يونيو) إحالة الطعنين إلى دائرة الموضوع، وحددت جلسة 27 أغسطس القادم لنظر القضية.
وهذا يعنى أن الرئيس السيسى تجاهل تماما ما قضت به المحكمة الإدارية العليا فى شهر سبتمبر 2015، كما أنه صادر على القرار الذى من المنتظر أن يصدر عن المحكمة الإدارية العليا فى أغسطس القادم.
السؤال: لماذا ضرب الرئيس بقرارات المحكمة عرض الحائط؟، لماذا قرر الإفراج عن هشام ولم يترك القرار للقضاء المصري؟، لماذا قرر العفو عن رجل من عصر مبارك ولم يعفو عن غيره من المساجين المرضى بالسرطان أو الفشل الكلوى أو الشيخوخة؟.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف