الوفد
محمد عبد العليم داوود
هكذا .. كان نعمان
لا عزاء .. لابكاء .. لادموع .. منكم أيها البشر .. فأنا ذاهب لربى وربكم .. هكذا أوصى د. نعمان جمعة.. وهكذا كانت كلماته لابنتيه الدكتورة ايمان والدكتورة غادة
وقبل صعود الروح لبارئها .. رحل وحيدا بناء على وصيته ورغبته.. وايمانا منه بأن طريقه لن يكون للبشر ولا جماعة ولا حزب .. ولكن طريقه لرب الارباب .. طلب ألا يعزيه أحد هكذا هو نعمان جمعة .. فهو لم يستأذن أحداً فى صباه عندما رأى وطنه فى محنة .. فهب مقاوما ومدافعا عن تراب الوطن فى بورسعيد ضد العدوان الثلاثى ضمن المقاومة الشعبية .. حتى اعتقلته قوات العدوان وهو مازال صبياً فى مقتبل العمر .. هكذا سجل التاريخ ..وهكذا سجلت الاهرام فى صفحتها الاولى فى عام 1956 .. سجل التاريخ بحروف من نور قصة كفاح ونضال شاب حمل روحه على كفيه وذهب مقاوما عدواناً يستهدف وطنه .. فيقدم لنا قدوة لمن يعرفون كيف يكون قدر الاوطان ..لم يستأذن أحداً يوم وقف وحيداً ضد الجميع رافضاً ضرب العراق من امريكا والغرب فى بداية التسعينيات.. مطالباً بالحل العربى لتحرير الكويت واصفاً بوش الاب بشرطى المنطقة .. فكان ابعدهم نظرا عندما كان يحذر ويصرخ من نبضات قلبه وفى سطور نبضات مقاله .. تأتى الايام لتؤكد وتثبت قوة عروبته وعمق رؤيته .. فأمريكا لاتريد تحرير الكويت بقدر تنفيذ مخططها.. وإحكام السيطرة على ثروات الخليج.. وتقسيم العراق.. وإبادة شعبه.. أطفاله ورجاله ونسائه ..لم يستأذن أحداً ولم يستجب لأحد ولم ينافق أحداً .. ويتفجر منه بركان الغضب والغليان ليكشف كم كان غيورا على الاسلام والمسلمين .. عندما وجد جزارى الصرب ينهشون ويذبحون المسلمين ويبقرون النساء ويحولون صربيا وكرواتيا الى مقابر جماعية للمسلمين فى تآمر من الامم المتحدة.. وامينها العام فى ذاك الوقت .. فيسطر فى نبضاته على صفحات الوفد وفى مؤتمراته حرفياً بأن على كل وطنى مصرى مسلم أو قبطى أن يتبرأ من جريمة ومن تواطؤ بطرس بطرس غالى أمين عام الامم المتحدة فى جريمة ابادة شعب البوسنة والهرسك.. مسجلا فى سطور نبضاته أن الوطنية المصرية مسلمة وقبطية ترفض جريمة الامين العام للامم المتحدة حتى وإن كان مصرياً .. لم يصرفه نبوغه وتفوقه العلمى فى مصر او السوربون ولا اناقته وشياكته عن النضال من اجل وطنه.. مؤمنا بأن الوفد ليس حزبا وانما امة وان الاحزاب والتيارات تموت ولكن الامم تبقى .. فكان الرجل الثانى ومهندس إعادة الوفد بعد فؤاد باشا سراج الدين زعيم الوفد وخليفة النحاس .. فلم يكن فؤاد سراج الدين ذاك السياسى المحنك والتاريخ الحافل بالنضال وخبير فرز معادن الرجال الا ان يختار رجلاً مثل نعمان .. فكان نعمان رجل المهام الصعبة ووقود معارك الوفد وخطيبه وكاتبه ..واستاذ الاجيال الذى لايشق له غبار.. وصقراً للمعارضة وفارسا فى محراب العلم و الجامعة.. ولم يكن أهل العلم والقانون الا وان يختاروا نعمان عميداً لحقوقها ضد اقوى رجال النظام وهو مفيد شهاب.. وينطلق نعمان بحقوق القاهرة ليعيد لها مجدها قبل 1952 والتى احتل خريجوها مواقع السلطة والساسة .. واصبح طلابها محل فخر ذويهم بأنهم فى كلية عميدها نعمان .. ورغماً عن النظام ومخططاته تتجدد ثقة اساتذة القانون واهله فى نعمان ويختارونه لمرة ثانية عميداً لكلية الحقوق جامعة القاهرة .. فيتآمر النظام وابواقه وترزيته فى اصدار تشريع يمنع انتخاب عمداء الكليات ويشرعون باطلاً مضمونه تعيين عمداء الكليات ..عن طريق تقارير الامن وابواق السلطان .. ويعيش الوفد مجداً مع سراج الدين ورجاله ونائبه الاول نعمان الذى سطر تاريخا يفخر به كل محب للحريات وحقوق الانسان .. ويلبى سراج الدين فى شهر أغسطس عام 2000 نداء ربه .. فليتف أبناء وتلاميذ وجموع الوفد ويختارون نعمان جمعة.. رئيسا للوفد ليسطر صفحات من نضال حزب الامة ويحفظ للحزب تاريخه ومجده ويواصل مرحلة نضال ضد فساد واستبداد النظام الحاكم .. ثم يخوض نعمان معركة من أجل هذا الوطن.. هى معركة تستهدف مصرية هذا الوطن وعروبته واسلامه ووحدته وسلامة بنيانه.. وهى قضية التمويل الاجنبى المشبوه.. الذى استشرى من خلال مخطط الغرب والامريكان تعاونهم مافيا التمويل المشبوه متسهدفة وطنا واحزاباً .. فكانت معركة نعمان ..حتى وان شوهوه فهو لم يعرف الدموع.. حتى وان حاصره الموت يوما من كل جانب .. فقد ظل شامخا أنيقاً خطيبا مفوهاً أستاذاً وعميداً كاتباً فارساً رئيساً للوفد وزعيما .. لايعرف الخوف من السجون فقد اعتقله العدوان الثلاثى فى 56 ..لايعرف الدموع وان منعوا عنه الماء والطعام والدواء.. لايعرف الحزن وان شوهوا نضاله فسيظل ثوبه ناصع البياض .. نعم ايها الصامد فى حياتك صباك وهرمك لاتنتظر من أحد عزاء .. فالله أعلم بمن ظلموك .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف