الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
إعلانات ماسبيرو.. وميزانية الدولة
كنت طوال الشهر الفضيل حريصا علي الاستماع لفقرة قرآنية سريعة قبيل اذان المغرب مباشرة علي القناة الأولي.. كبار قراء زمان وزمان جدا يتلون بعض ايات الذكر الحكيم منذ أيام الأبيض والأسود.. كنت استمتع بأجمل أصوات فيها خشوع وتعبد وشفافية تشعر بها في قلبك قبل أذنك.. ولكن هل لاحظت ان هذه القمم الكبيرة تنظر في مصحف أمامها قبل ان تتلو الآيات.. انها حكاية قديمة.
عند افتتاح الراديو في مصر في شهر مايو 1934 تحت اشراف شركة ماركوني قرر مديرو الاذاعة في ذلك الوقت وهم الذين افتقدنا أمثالهم الآن محمد بك فتحي وعلي خليل وعبدالحميد الحديدي وغيرهم.. قرروا ان المقريء يجب ان يقرأ من المصحف وكان هؤلاء المقرئون قمما كبيرة رائعة.. يقرأون أمام مئات الناس في المسجد والسرادقات وفي المناسبات المختلفة كيف تمسك هذه القمم المصحف ليقرأوا منه وهم أمام قطعة جديد "الميكروفون"؟
ولكن مديري الإذاعة كان لهم رأي آخر.. أي خطأ في كلمة أو حتي في تشكيل حرف قد يمر ولا يلفت النظر أمام المستمعين حتي لو كانوا من حافظي القرآن الكريم.. هنا الموضوع يمر ولكن الإذاعة لها وضع خاص.. الناس تستمع للقرآن من الراديو وهم في بيوتهم علي رواقة دون ضجة مسجد أو سرادق والخطأ يظهر هنا ولا يظهر في المسجد ولا في السرادق.. ثم لا ننسي ان برامج الاذاعة مسجلة وميعاد بثها مئات المرات فلا يصح أن يكون بها أي خطأ.
***
كانت مشكلة في بداية البث الاذاعة.. ولكن انتهت بخضوع القراء الكبار لقرار ادارة الاذاعة وتم وضع المصحف مفتوحا علي حامل في مواجهة أعين القراء.. إلي أن تم افتتاح التليفزيون في يوليو 1970 والافتتاح في هذا الوقت بالذات له قصة أخري.. المهم تجددت مشكلة القراء مع ظهور الصورة أمام المشاهد.. ان هذا يقلل من قيمة هذه القمم أمام الناس واعترضوا علي القراءة من المصحف أمام ملايين المشاهدين ولكن مدام تماضر توفيق "المرأة الحديدية" أصدرت تعليماتها بضرورة استمرار تقليد الاذاعة لنفس الأسباب وقد كان.. كل ما حدث تغيير مكان المصحف علي منضدة بدلا من الحامل العالي أمام عين القاريء أيام الاذاعة.
***
الملاحظة الثانية عن اعلام رمضان هذا الموسم.. هو الهجوم الضاري للاعلانات!! نعم.. أيضا العام الماضي امتاز بكثرة الاعلانات وتنوعها ولكن ليس بهذه الكثيرة مثل هذا العام.. في العام الماضي ظهر اعلان واحد عبارة عن تمثيلية سريعة جدا اشترك فيها عدد من النجوم الكبار ولكن هذا العام كثرت التمثيليات والاستعراضات والأغاني والاسكتشات بكبار النجوم والنجمات في اعلانات هذا العام.
التهمت الاعلانات وقت المسلسلات.. بدرجة ان الناس كانت تقوم خلال فترة الاعلانات لتصلي أو تعمل القهوة أو الشاي أو تتحدث في التليفون ففترة الاعلانات من طولها أصبحت مملة خاصة انها اعلانات معادة كل يوم في كل المسلسلات وكل البرامج.. المعلن يفرح لأن الناس حفظت اسمه من كثرة ترديده هذه الكثرة.. ولكن علي المعلن ان يعرف ان الناس حفظت اسمه بغضب ولا أريد ان اقول بقرف!!
***
ولكن المهم..
ما مردود كثرة الاعلانات وضبط اسراف وسرقات وفساد مدينة الانتاج.. ما مردود هذا علي ميزانية الدولة التي بدأت منذ ساعات.. هل مازال ماسبيرو والاعلام عموما مديونا لشوشته.. وما هي ميزانية هذا العام التي تم تخصيصها للاعلام.. هذه الأمور يجب أن تكون واضحة أمام المجلس الذي يرفع الراية البيضاء دائما علي الأقل ليعرف الشعب!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف