د. حماد عبد الله حماد
تحديث «ماستر بلان» للوطن!
استكمالاً لحديثى يوم الجمعة عن الأقاليم الاقتصادية، فمن يقرأ هذا العنوان، ويعرفنى، يربط ذلك بالهندسة أو بالتخطيط العمرانى! وفى الحقيقة أنا لا أقصد ذلك بالضبط، وإن كان يعتبر هذا الاعتقاد، جزءًا من كل، أرجوه لبلدنا ،فى مجال تقسيم الوطن إلى أقاليم اقتصادية متكاملة، وملامح وطن جميل منسق تنسيقاً جيداً، وليس بمعنى (التنسيق الحضارى إياه)، ولكن تنسيق بين ما هو على سطح أرض الوطن من بشر ووسائل إنتاج ونقل وخدمات، وبين ما فى باطن الأرض من ثروات تعدينية وبترولية، وبين ما يحيط بالوطن من بحار (أبيض وأحمر) وبين شريان الحياة الذى يشق قلب الوطن وهو النيل العظيم، كل هذه العناصر، مع تصور لإدارة الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كل هذه العناصر هى، الهيكل العظمى واللحم والدم، الذى يتشكل به جسم الوطن «مصر»، لكن الشىء الذى يأتى ليستكمل اتساق هذه المنظومة، هو المخ، الرأس، التى تقوم بدور رئيسى فى عملية تنسيق العناصر وترابطها، وتركيبها، وتشغيلها، وعلاقة كل عنصر بآخر، بقوة إليه تعطيه «باور» أو قوة دفع للتقدم والعمل بانتظام، دون توقف، ودون جلطات، فى أحد الشرايين، ونظام محكم بدستور عصرى، وقوانين واضحة تربط وتقيد المجتمع كله، دون تخبط، ودون ازدواجية، وإلغاء الحالات المزاجية من التعامل فى شئون الوطن. دولة تعمل على استرداد روحها بالتزام وثيق بالقانون، دولة تتميز بعناصر اخلاقية حميدة، مستمدة من تراثها وعقائدها الدينية الإسلام والمسيحية، دولة لها تقاليد متوارثة، يجب أن تعتمد على العرف الجارى بين أهلها، وتقننه، فالقانون المحترم، هو تقنين لأعراف الوطن، ووضعه فى صيغ تسمح بالتعامل من خلاله برضاء كامل. إن المخطط العام للوطن، يحتاج حكومة أقل عدداً فى تعداد وزرائها، وحاملى حقائب المسئولية الوطنية. مطلوب ترشيد هيئات ومؤسسات الدولة، وإلغاء من لا فائدة له، فوراً، دون خوف، ودون عمل حسابات لآثار جانبية، فالقرارات الناجعة، تتمتع بعنصر الوقت، وسرعة اتخاذ القرار! مطلوب استزراع كل (خرابة فى البلد)، مطلوب القبض على كل (حارق لصندوق قمامة فى الشارع). مطلوب تطبيق حرفى للقانون دون استثناء أو مجاملات. كل هذا لا يتأتى فى ظل نظام إدارى، قائم أو فى ظل تقسيم الوطن إلى محافظات عفى على تقسيمها الزمن والتاريخ والجغرافياوالجيولوجيا، والإيكولوجيا! انتهى عمر هذا التقسيم الافتراضى، وفقد شرعيته، وفرضيته، مطلوب وطن جديد، وذلك ممكن تنفيذه وبسهولة شديدة، فقط نحتاج لإرادة سياسية وإدارية، للقيام به، ويمكن وضع هذا التصور بأيادٍ وعقول مصرية، كما أنه ليس عيباً أبداً أن نستورد عقولًا أجنبية لوضع هذه الاستراتيجية بالمشاركة، فنحن نستورد أجانب لكرة القدم وفى (أتفه) الأسباب، وأعضاء البنك الدولى موجودون فى أسيوط، وفى الواحات مش عيب! إن وضع استراتيجية، وماستر بلان للدولة، كيف نرى مصر سنة 2030، مهم جداً، المهم وجود خطة واضحة، لها تكلفة ولها زمن محدد، ولها جدول زمنى تحت الإشراف على تنفيذه من جهاز أو وزارة، أسوة بوزارة السد العالى، وزارة لمشروع قومى للدولة، تحت عنوان مصر غداً، وليس مصر اليوم! وليس مصر الآن! نحن أحوج ما نكون إلى حلم كبير، نعيش من أجل تحقيقه لأولادنا، وأحفادنا!