الأخبار
جلال دويدار
خواطر - الدولة عاجزة عن مواجهة «مافيا» تجارة اللحوم!
من المؤكد أنه شيء يغيظ ويدعو إلي الاحباط واليأس أن تكون علي علم وإدراك بحلول مشاكل بعينها.. تؤرق الناس وتزيد من معاناتهم وتصعد من آلام حياتهم المعيشية. الملاحظ في هذا الشأن أن مسئولينا يتعمدون ألا يتحركوا لايجاد الحلول التي لا تعصي عليهم. ليس من توصيف لهذا السلوك الذي يتناقض ويتنافي مع مسئولياتهم وواجباتهم سوي أنه تجسيد للإهمال والقصور. إنهم وبدلاً من تفعيل هذه الحلول يلجأون إلي إطلاق التصريحات الخادعة التي لا هدف من ورائها سوي تنويم الناس وتخديرهم.
مشروع »البتلو»‬ إحدي هذه المشاكل المزمنة التي أصبحت تداعياتها عبئاً ثقيلاً علي المواطنين خاصة محدودي الدخل. المسئولون يواظبون دغدغة شعورهم بالتصريحات الفشنك بادعاء أنهم محل رعاية واهتمام. ثبت بالتجربة أن إحياء هذا المشروع ووضع الاسس السليمة الشفافة لتمويله ورعايته هو الوسيلة المثلي والعملية لتوفير احتياجات الغلابة من البروتين الحيواني بأسعار يقدرون علي تحملها.
إنجاح هذا المشروع ليس عقدة ولا لوغاريتما لأن كل ما يحتاجه هو جدية الدولة في رعايته مع الالتزام بعناصر ضمان هذا النجاح. كان للدولة سجل باهر في هذا المجال قبل عقود مضت.. ولكن الانحراف والفساد والانتهازية وتدخلات جماعة المنتفعين أدت إلي تخريبه ونهبه ليواجه نهايته المحتومة.
إن أهم ضمانة لاستمرار وتواصل نجاح مشروع »‬البتلو» تعتمد علي منع ذبح صغار الجاموس والبقر والقيام بتربيتها وتسمينها وزيادة وزنها للحصول علي كميات مضاعفة من اللحوم. هذه المهمة التي كان من المفروض أن تسند لصغار المزارعين مع وضع الضمانات اللازمة سطت عليها »‬مافيا» الانتهازية بالنفوذ والرشاوي وهو ما جعل المشروع يتحول الي منفذ جديد للاستغلال وزيادة الاسعار.
كان من نتيجة هذا الفساد الذي استهدف صالح »‬مافيا» استيراد اللحوم أن نسبة اللحوم المحلية في السوق لم تعد تتجاوز الـ 20٪ ان لم يكن أقل من الاحتياجات المطلوبة.. هذه السياسة التي يتبناها الفاسدون في الاجهزة الحكومية والمجتمع لاتتمثل في حرمان الغالبية الشعبية من تناول اللحوم فحسب.. ولكن يضاف إلي ذلك أيضا تحميل موازنة الدولة مليارات الدولارات لاستيراد اللحوم.
في هذا الاطار جري استخدام سلاح النفوذ والرشوة لافشال كل تحرك من الدولة لاستيراد اللحوم الحية من السودان واثيوبيا وكل الدول الافريقية لبيعها بأسعار في قدرة المواطنين محدودي الدخل. تعاظم تسلط ونفوذ هذه »‬المافيا» أدي علي سبيل المثال.. إلي تعطيل اتفاقات توصل اليها الرئيس الاسبق حسني مبارك خلال زياراته الافريقية!!
الحقيقة أنني أشفق علي وزير الزراعة الدكتور عبدالمنعم البنا بعد أن قرأت وتابعت تصريحاته الوردية بتخصيص اعتمادات لاحياء مشروع »‬البتلو». كم أرجو أن يعلم أنه وبهذا التصريح اختار لنفسه ان يدخل عش الدبابير بل أقول عش الحيتان. هذه العصابة تمكنت - بما يملك أعضاؤها من مليارات الجنيهات حصلوا عليها بطرق غير مشروعة - من إفشال هذا المشروع أو تحويل عائده لصالحهم.
ليس من سبيل لنجاح مبادرة الدكتور عبد المنعم البنا سوي أن يكون للدولة والحكومة موقف حاسم وفاعل في دعمه ومساندته. إن أهم ما يحتاجه نجاح هذا المشروع هو اقدام الدولة علي توفير الاعلاف اللازمة لتغذية قطاعات »‬البتلو» سواء كانت محلية أو مستوردة.
الدولة مطالبة - إذا كانت جادة حقا فيحل مشاكل المواطنين المعيشية - تبني وتشجيع اقامة مشروعات لانتاج العلف بالاعتماد علي المخلفات الزراعية المتوافرة وتطعيمها بما يلزمها من منتجات مستوردة.
اقامة هذه المصانع وتشغيلها لتوفير الاعلاف لتعظيم عائد »‬مشروع البتلو» سوف تتيح في نفس الوقت فرص عمل كثيرة للشباب. ليس مطلوبا لانهاء مشكلة نقص وارتفاع اسعار اللحوم وحرمان المواطنين من البروتين الحيواني سوي أن تكون عند الدولة إرادة ونية حقيقية لحسم الامور جذرياً.
لم تقتصر حرب مافيا اللحوم علي افشال مشروع البتلو لتوفير اللحوم الحمراء ولكن نفوذها شمل ايضا اللحوم البيضاء »‬الدواجن» التي كانت ملاذا لسد احتياجات المواطنين للبروتين. ان الاهمال والقصور وعدم المبالاة كانت وراء ارتفاع اسعار كيلو الدواجن من ١٥ جنيها الي ما يزيد علي ٤٠ جنيها حاليا. هل هذا معقول يا أصحاب السعادة مسئولي هذه الدولة؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف