منى نشأت
بعينك .. شــــــــــيطان و.. شــــــــــــــــاطر
للمرة الثانية الشيطان يكسب مع انه كان شهر رمضان.. ففي العام الماضي اكتسح ونوس وتميز رغم انه طلع في النهاية شيطان لكن يحيي الفخراني لبس الدور ووضع الحوار لمسته في الإبداع ليظهر مشهد النهاية والخطاب مع الله كخلطة فنية مميزة شهدنا لها بالروعة.
ويبدو ان الجن.. ركبنا واستحلي موقعه فأمتعنا بسخاء هذا العام أيضا وكانت البطولة الرمضانية لشيطان "كفر دلهاب" فاستمعنا منه لكلمات ذات مغزي ومعني.. المظلوم هو الخطر علي الشيطان متي ترك للخالق الأمر. أما حين ينسي نفسه ولا يتوكل علي ربه ويظن انه سيأخذ حقه بيده وان إرادته هي التي تسير الأمور وليست مشيئة الله ويحرق بالنار التي داخله فيقتل من قتل ويظلم ويخرب فيتحول المظلوم إلي ظالم وتكتمل دائرة الشر فالدم يأتي بمزيد من دم.. والظلم يتحول إلي خراب والنصر للشيطان الذي وصل لغايته في الغواية.. رغم ان الحياة ابتلاء.. وامتحان والإنسان حين يتملكه الغل ويشغله الانتقام عن الخير والعطاء.. تصبح الدائرة سوداء.. ويحصل الشيطان علي تصفيق حار وتبقي الحكمة التي نطق بها بطل دلهاب تستطيع الخروج عن طاعة الله.. أما مشيئته فلا أحد يقدر علي الفكاك منها.
لم أكن من متابعي مسلسل "كفر دلهاب" لكن جملة النهاية استوقفتني وكتبت شهادة نجاح وسجلت عودة لحوارات كنا نسمعها فتلعق بآذاننا وتعيها عقولنا وتنقش علينا افكارا وقيما ولنتخيل ان فيلما هنديا كان السبب في دخول ملايين دين الإسلام "my name is khan" وهو لم يشرع صلاة وصياما وإنما أخلاق المسلم وتعاملاته وإنسانيته.
الفن يا أهل الفن رسالة سامية قد تأخذ بيد أمة وتعلي من شأنها.. أو تخسفها لسابع أرض.. وما يعرض علي الشاشة هو تشكيل للوجدان ونقش لا يمحي من علي حجر وتعالوا نفتكر كيف ألقي أطفال بأنفسهم من بلكونة البيت لأنهم يفعلون مثل "فرافيرو" الذي كان يطير وقتها مات أطفال مصريون وعرب نتيجة متابعة وتقمص شخصية كرتونية.. والتأثير نفسه يحدث في عالم الكبار.. أفلام الاسفاف والاستهتار والمخدرات خلقت هذا النموذج الذي نراه أمامنا حين نتعامل مع بائع علي الطريق أو منادي سيارات أو سائق سيارة فنجد لسانا ثقيلا بفعل مخدر وميلا لبلطجة مع فكر ضحل وتكتمل المؤامرة بحوادث تحرش واعتداء.. انه ملخص فكر بثته أفلام ومسلسلات وأغان وبرامج لا تدرك أو ربما تدرك مدي تأثيرها علي المجتمع.
لقد تميزت أجيال كاملة بالصبر وكان لأم كلثوم وأغانيها وليلها وامتدادها فضل.. وعرفنا الرومانسية علي يد حليم وكان لفنانة مثل فاتن حمامة تأثيرها علي أخلاق البنات والتزامهن.. وصورة الجمال الهاديء الراقي.. وحتي الراقصة كان لاهتزازاتها آخر.
وفي كل نموذج تعلمنا الوطنية وحب بلدنا.. التي كانوا يتبرعون بأجر حفلاتهم كاملة لها. حتي المونولوج كان فنا هادفا يبث قيما قادرة علي خلق مباديء لذلك كانت البنات تسير بالميكروجوب ولم يسجل تحرش.. فليس معني ان باب جاري مفتوح ان أسرقه فحرية الآخر لا تدفعني لاعتداء. وإلا فقد صرت لصا.
ويبقي الأمل في جيل جديد يخرج من عباءة النمطية.. يتمرد علي الماديات.. وحياة الهبش والنبش في الفضائح.. والخروج إلي القيمة الحقيقية للحياة.. حب.. خير.. جمال.. وملعون كل قبح ومعه من سئمنا من القبحاء في الأرض.