الثورة الفرنسية لم تكن خاصة لفرنسا فقط من حيث الفلسفة التى مهدت لها أو من حيث حوادثها أو من حيث الفلسفة والنتائج التى أثمرتها.
نصت الوثائق أنه لما اغتصب الفرنسيون حقوقهم من الملك والنبلاء لم يغتصبوها على أنها حقوق للفرنسيين فقط وإنما نصت على أنها حقوق للإنسان.
كانت فرنسا عبارة عن نبلاء يعيشون بما ورثوا، ويتميزون بالنظام الإقطاعى الذى يحل لهم السيادة على الفلاحين العاملين فى ضياعهم وكان هؤلاء الفلاحون «موالى».
الفرق بين «العبد والمولى»، العبد سلعة تباع وتشترى فى السوق وتتبع من اشتراه ويستخدم فى المنزل أو المتجر أو المزرعة.
لكن «المولى» لا يباع ولكن إذا شاء النبيل أن يبيع ضيعته لا يترك المولى الضيعة، ولكنه يباع معها للمالك الجديد.
المولى يلزم أرضه وإذا فر يعيدونه ويعاقبونه ولا يستطيع النبيل أن يستخدمه فى عمل فى المدينة أو منزله.
أوروبا ما بين عامي 500 و1200 ميلادية كانت مجتمعًا مؤلفًا من ملوك ونبلاء وموالى وصغار تجار فى المدن الصغيرة.
بعد أن بزغت المدن وأصبحت قوة يعيش سكانها أحراراً وأصبحت لهم مجالس بلدية تصون حريتهم بأمانة وكانوا يعملون فى الصناعة والنقل والملاحة، وكان بعض الموالى يفرون إليها ويعيشون أحرارًا فيها.
كانت المدن ما بين عامي 500 و1000 ميلادية لا تتعدى الواحدة عن قرية كبيرة، وتضخمت هذه المدن تدريجيًا.
بعد اكتشاف أمريكا زاد نموها وتضخمت لأن الموانى الصغيرة التي كان عملها الصيد فقط تحولت إلى موانئ عالمية تتاجر مع آسيا وأمريكا.
مجتمع المدن الذى كان يعيش بعيدًا عن الزراعة كان يكره النظام الاقطاعى لأن التاجر والصانع يستخدمان العامل بالأجر لكن النبيل الذى يستخدم المولى بالمجان حيث يقدم له الطعام والإقامة فقط.
برزت المدن الجديدة إلى الوجود السياسى فى الأمم التجارية الكبيرة مثل إنجلترا وشمال ألمانيا وهولندا.
الصدام الأول كان فى إنجلترا بين الملك ممثلاً عن النبلاء والإقطاع وبين المدن والزراعة الحرة التي كان يمثلها «كروموبل» وذلك فى عام «1640».
فى فرنسا كانت المصادمة فى عام 1789، حيث انفجرت الثورة الشعبية الكبرى بعد اختمار هيئة المفكرين نحو قرن من الزمان وقد أكسبها المفكرون كلمات الثورة التي استخدمتها الشعوب بعد ذلك.
للحديث بقية عزيزى القارئ وأتمنى أن أوضح كيف تكون الثورات الشعبية التى تقوم على أساس فكرى وأسس وفلسفة مستقبلية لكى تنهض الأمم بعيدًا عن الديكتاتورية والتخبط والتخطيط الاجتهادى السيئ وتأصيل الدولة المدنية والإصرار على الديمقراطية والحريات وتبادل السلطة وتقوية الأحزاب وعدم تجاهلها لأنه لا تنمية ولا تقدم بدون التعددية الحزبية وتبادل السلطة والديمقراطية لأن الدكتاتورية تولد الفساد والانهيار وهنا ما حدث فى مصر منذ عام 1952 وأتمنى من السيسى أن ينفذ وعده فى تفعيل الدولة المدنية.
المنسق العام لحزب الوفد رئيس لجنة الثقافة والفنون