لكلمة (مقامات) العديد من المعان، تشتق منها وتترادف معها معنى (مقامات الحب) في اثنتين فقط.
المعنى الأول للمقامات هي القصة القصيرة ذات السجع، التي تشتمل على عظة أو ملحمة، وكان الأدباء منذ القدم يظهرون فيها براعتَهم، ويتبارون فيها في ليال الملاح والسمر.
وهي في ذلك بالتمام مثل مقامات الحب، فهي قصة ملحمية يسطر حروفها المحبين، ينحتون سردها وتفاصيلها كما يشاؤون، فإن أرادوا كانت قصة بديعة، مشوقة، قوية، منتصرة. وإن شاءوا كتبوها قصة مؤلمة، حزينة، مهزومة.
الإرادة وحدها هي من تتحكم في مداد الكتابة، فها نحن نشهد على قصص حب وزواج صادفت نفس العواصف والمشاكل، تتعرض لبراكين غضب، وزلازل تهد بناء دام سنوات، فتحوله لركام في ثوان، قصة حب تتعرض لكل ذلك وتخرج اقوى مما كانت، إرادة مقامات حب تنفض عن نفسها كل ما سبق، وتتزين بالعشق مرة جديدة.
والقصة الأخرى وإرادة مقامات حب مختلفة المقام، تخرج من هذا بالتحطم التام، تكتب مأساة تصل إلى إصابات مميتة للطرفين تصيبهما بالعجز مدى الحياة.
والمعنى الثاني للمقامات هو تسلسل نغمات الموسيقي في درجات تسمى المقامات، التي تؤلف الحان مختلفة متنوعة العذوبة، ومقامات الحب ترتبط في معناها ارتباطا وثيقا بهذا المعنى، فمقامات الحب تعزف لحنا مختلفا كل فترة، له مقام مختلف، تارة لحن حزين وتارة أخرى مبهج فرح.
وترتبط بدرجات السلم الموسيقي في كل درجة صعودا وهبوطا وفقا لما يعزفه المحبون.
الخيال وحده هو ما يتحكم في هذا المقام الموسيقي، مقامات الحب لا يمكن أن تكتمل إلا بمقامات السلم الموسيقي، بإبداع الخيال لكل طرف في عزف لحن جديد كل فترة، فهل يمكن للإنسان أن يحيا بدون الاستماع والاستمتاع بلحن مختلف كل فترة، هل يمكن أن تتغذى روحه وتنتعش أحاسيسه إلا بالانسجام مع لحن عذب كل حين وآخر.
هكذا مقامات الحب، تتغذى وتنتعش كل فترة بتأليف كل طرف سلم موسيقي جديد يعزفه للطرف الأخر. لا مانع أن يؤلف أحدهم ذات مرة لحنا حزينا، وفي أخرى يعزف لحنا مرحا سعيدا. إن كان اللحن غذاء الروح فهو أيضا غذاء لمقامات الحب.
وها نحن نشهد على قصص حب، احداهما تحيا على مقام واحد طوال فترة العشرة، تعزف علي سلم موسيقي واحد فقط، تكاد تردده كل يوم، حتى تصبح نغمة معتادة مملة، ومن ثم تصبح نغمة نشاز منفرة.
مقام القصة الملحمية درجاته هي: مقام الإرادة، العقل، القوة، الصدق. ومقام النوتة الموسيقية درجاته هي: مقام الخيال، الابداع، التجديد. كلاهما جناحا مقامات الحب، بهما يطير الحب في سماء الحرية والهوى، ودونهما يسجن الحب في معتقل الذل والبؤس.
وبكلاهما أيضا تحدد مصداقية المحبين، ومدي اخلاصهم وتفانيهم، قوة صبرهم وتحملهم الشدائد، قدرتهم على العطاء والبذل والتضحية، في سبيل إسعاد شريك الحياة.
لا تنتظر من يبدأ في كتابة القصة الملحمية ذات السجع، ومن يبدأ في عزف الحان ومقامات موسيقية مختلفة ابدأ وستجد شريك حياتك اتخذ جانبك بعد فترة، يتبارى معك ولأجلك، يعزف لك أروع الالحان.