جلال دويدار
زيادة أسعار المحروقات والتصدي لانفلات الأسعار
شاء سوء الحظ الذي دفعتنا إليه الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها أن تتوافق قرارات زيادة أسعار المحروقات- البنزين والبوتاجاز والسولار قبل يوم واحد من احتفالنا بالعيد الرابع لثورة ٣٠ يونيو. الشيء المؤكد انه وعلي ضوء هذا الارتفاع الكبير الذي كانت نسبته ٤٠٪ فإن انعكاسات هذه الزيادة سوف تشمل كل شيء نستهلكه ونحتاجه في حياتنا إلي جانب كل الأنشطة الخدمية. يأتي هذا التحريك الشامل في الأسعار في اعقاب الزيادات التي تغيرت في المرتبات والمعاشات. هذا يعني ان ما تم اعطاؤه باليمين يتم استرجاعه بالشمال.
هذه الإجراءات كانت متوقعة رغم تصريحات قيادات قطاع البترول التي تعهدت بنفي الاقدام عليها. إن الكثيرين وأنا منهم كنت علي ثقة بأن قرار الزيادة سيدخل حيز التنفيذ قبل بدء العمل بالموازنة الجديدة وأن هذه التصريحات ما هي إلا محاولة للتغطية وإخفاء موعد التنفيذ.
كانت معلوماتي وعلي ضوء ما سبق من تجارب أن ما تم ترديده في هذا الشأن لم يكن سوي أنابيب اختبار لمعرفة ما سوف تكون عليه ردود الفعل في الشارع المصري. هذه الخطوة هي إحدي ركائز برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي لا يمكن أن يكون له عائد دون الحد من عجز الموازنة حتي انتهائه تماما. كان لابد من استيفاء هذه المتطلبات التي حددها صندوق النقد ولم يكن هناك مفر منها للحفاظ علي الثقة التي نحتاجها لمواصلة مسيرة الإصلاح حتي النهاية.
في إطار ما أصبح واقعا فإنه ليس من سبل للتخفيف من وطأة هذه القرارات وما سوف يترتب عليها من آلام لحياة الكادحين المعيشية.. سوي أن تكون هناك جدية وتحركات حاسمة من الدولة وأجهزتها. عليها التصدي بكل حسم وشفافية للسيطرة علي انفلات الأسعار. إن الأمر يجب بأي حال ألا يقتصر علي التصريحات الفشنك والمظاهر الكاذبة الخادعة. لابد أن يكون هناك تفعيل للقوانين في مواجهة التسيب والاستغلال من جانب المنتجين والوسطاء والتجار بما يحقق العدالة لهم وللمستهلكين المغلوبين علي أمرهم.
بالطبع فإن الهدف من هذه الزيادات في أسعار المحروقات إلي جانب سد عجز الموازنة. هو الحد من الاستهلاك وانضباط معدلات التضخم التي كان من المنتظر أن ترتفع مع زيادة الأجور والمعاشات وما يصاحبها من زيادة في القوة الشرائية. في نفس الوقت. فإن الدولة والمجتمع المدني بكل أطيافه مطالبون ببث برامج التوعية عن طريق كل وسائل الإعلام لدفع المواطنين إلي تحمل مسئولياتهم وأداء واجباتهم تجاه المشاركة في محاصرة الآثار السلبية لزيادة الأسعار. هذا الأمر يعتمد ويستند بشكل أساسي علي الإيمان بأهمية العمل والإنتاج اللذين يعدان السلاح الأمضي لاجهاض كل السلبيات التي تضيف المزيد من الصعوبات لحياتنا.
في هذا الشأن أيضا فإنه يتحتم علي الدولة وأجهزتها ان تضطلع بما تفرضه عليها مسئولياتها بالعمل علي مراقبة ومتابعة الأسواق ومعدلات الزيادات في الأسعار. إن السيطرة علي تداعيات رفع أسعار المحروقات مرهونة بقيام الدولة أولا ثم المواطن ثانيا بالواجبات والمسئوليات حتي يمكن تمرير هذه القرارات بأمن وسلام، لابد أن يكون مفهوما لجميع الأطراف أن الموقف جاد وصعب ولا يحتمل الهزار أو التهاون.