الأهرام
سكينة فؤاد
سلام على شعب وجيش وثورة
طوال يونيو 2013 وخاصة نصفه الأخير كان السؤال الأخطر على ألسنة المصريين.. هل تخلى الجيش عن تأييد غضب الشعب وإصراره على إسقاط حكم جماعة الإخوان بعد مهلة الاسبوع ثم 48 ساعة ودعوات متتالية للجماعة للاستجابة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو استفتاء.. وتحقق الحدث العظيم باستجابة الجيش للإرادة والثورة الشعبية العظيمة.

المعجزة السماوية فى إسقاط جماعة لها ميليشياتها المسلحة وأعدت لحكم أو احتلال مصر ــ كما أعلن إحدى قياداتهم ــ 500 عام كانت فى التحام وتوحد هذه الإرادة حيث عاد يتأكد أن مصر آمنة بعد وعد السماء بهذا الأمان بألا يحدث انقسام أو اختراق أو تشكيك أو هز للثقة يُدمر جسور الاطمئنان والاحترام واليقين، ووضوح الرؤية بين الظهير الشعبى العظيم من عشرات الملايين من المصريين وجيشهم الوطني.

فكيف تأتى ذكرى هذا الإنجاز والحرث العظيم بينما ينتشر ما لا يستهان به من محاولات للتشكيك والتهوين والاتهامات وإشعال الغضب وإدخال المصريين فى آتون صراع وانقسامات فشلت محاولات كثيرة لتحقيقها منذ 30/6 و 3/7؟!!

ابتداءً لا أصادر على حق إبداء الرأى الذى يتطلب الأمانة والتوثيق ولا يسف ويتدنى إلى درجات لا تصدق من التطاول والانحدار والإهانة والتشكيك فى المصداقية والأمانة الوطنية!! وفى أمانة ما يحدث فى مصر الآن وكأن من يدفعون الدم يستطيعون أن يخونوا هذا الدم!!!

وابتداءً أيضا وكواحدة من أبناء مدن القناة أو خطوط الدفاع المتقدمة عن مصر أعرف منذ صبايا المبكر وكقارئة لتاريخ بلادى أعرف لقواتنا المسلحة قدر الأمانة والشرف والانتماء.. وأعرف لأجيال من الشباب كيف كان الحلم الأعظم أن يكونوا من جنود وضباط قواتهم المسلحة.. أعرف أيضا أن من أهم دعائم التجريف الذى ارتكب بحق الشخصية المصرية بانهيار التعليم والصحة والخدمات والبنية الأساسية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية عشرات السنين قبل الثورة كان سلب الانتماء والتهوين من قيمة مصريتهم وبالطبع جيشهم!! ليس جديدا ما قيل ونشرت تفاصيله العام الماضى عن نصر أكتوبر 73 والذى كان أول معامل القوة فيه عبقرية المقاتل وعبقرية العشق للوطن لدى المقاتلين جميعا من الجنود والضباط. وجرأة مدرسة أجنبية من مدارس اختراق الهوية والانتماء المصرى وللأسف على أرض مصر والتى اكتشفت أنها تدرس لطلبة مصريين أن بلادهم وجيشهم هزم 73 وأن الانتصار كان للعدو الصهيوني!!

أراد أعداء هذا الوطن وكل من يعرفون المعجزات التى يكللها الخالق بالنصر عندما تلتحم إرادة الشعب بجيشه.. أرادوا أن يهزموا أعظم مقومات صناعة هذا النصر ـ قوة وصلابة المصرى وعشقه لأرضه وثقته وإيمانه بالله وبوطنه وبجيشه! أعلنوها أن 73 يجب أن تكون آخر الحروب التى يستطيع أن ينتصر فيها هؤلاء الجبابرة ـ المصريون!! أيضا من الأمور المعروفة عن المخطط الأمريكى الصهيونى لإعادة نفسه وترسيم حدود المنطقة لصالح الكيان الصهيونى التخلص من الجيوش والدول الوطنية بالمنطقة ـ أن من خطوطه الأساسية ما يسمى الطوق الآمن والنظيف حول إسرائيل بمعنى الخالى تماما من الجيوش والقوات الوطنية التى تستطيع أن توقف تمدد الورم والتضخم الصهيونى لاستكمال السيطرة على المنطقة ـ ومعروف ما ارتكب من جرائم بالجيش العراقى الذى كان واحدا من أقوى الجيوش. ودُبرت المؤامرة للجيش السورى ليحترب ويتقاتل ويدفع الشعب السورى عن وجوده وحاضره ومستقبله ثمنا لتدمير جيش بلاده ـ أما ما حدث فى ليبيا فأرجو أن تقرأوا مأساة أمة مجسمة فى حديث ساركوزى للقناة الثانية الفرنسية وأن ما حدث فى ليبيا قامت به وأنجزته فرنسا بالكامل وأن الطائرات الفرنسية، دمرت 90% من القوات العسكرية الليبية, وطائرات فرنسا هى التى قصفت قوات القذافى بسرت، وألقت القبض عليه عندما اختفى عن كتائب مصراتة بعد تخديره قمنا بتسليمه لهم!!

فما هو المطلوب إلحاق مصر بما ارتكب بحق شعوب ودول المنطقة والذى أوقفته ثورة المصريين ودعم جيشهم فى 30/6 ،3/7 بإشعال نار احتراب وصراع داخلى، يطلق ويُمكن قوى الغدر الكامنة تنتظر تحقيق أهدافها الشيطانية التى فشلت فى تحقيقها تحت ادعاءات دينية كاذبة وظالمة ومطامع سياسية وتخاريف دولة الخلافة ـ وكلهم ليسوا إلا أدوات تستخدم لاستكمال المخطط التدميرى والاستعمارى لدول المنطقة.. وبالطبع لا يقف بعيدا عنهم كل من أُضيرت أو تهددت مكاسبهم وما نهبوا وما كونوا من سلطة ونفوذ وثروات محرمة تتهددها الحرب على الفساد والتى لا تقل ضراوة عن الحرب على الإرهاب بالإضافة إلى المحاولات المستميتة لتخفيف آثار عشرات السنين من التجريف والتدمير وما حدث من فوضى واضطراب بعد الثورة وايقاف للانتاج واستكمال تجريف الصناعة والزراعة والتحول بالكامل إلى دولة مستوردة ومستهلكة، وزاد الطين بلة بما خطط من أزمات فى مقدمتها الأزمة الاقتصادية وغيرها من أزمات للأسف لم تجد رشد المعالجة التى تحمل آثارها وتوابعها للأقدر على تحملها وتخففها على الملايين الذين دفعوا أغلى الأثمان لكل ما مرت به مصر من آلام وافتقار للتخطيط والرشد فى إدارة واستثمار ثرواتها الطبيعية والبشرية وعدم الاستعانة بأفضل ما تمتلئ به مصر من كفاءات ومهارات وخبرات!!

أثق أن الصمود البطولى للملايين من الأرصدة والظهير الشعبى لن يستجيب للمحاولات الآثمة لاختراق وكسر هذا الصمود وزعزعة الثقة فى جيشهم وقيادتهم وما يحدث فى بلادهم من محاولات للإنقاذ ولتحرير مصر من آثار ما تحملت وكابدت عشرات السنوات.. أن كان هذا يجب أن يدعم بسياسات وقرارات جادة لدعم الصمود البطولى لهذه الملايين المحترمة والصابرة والاعتراف بأخطاء وسياسات يجب المسارعة بعلاجها ابتداء بإدراك خطورة عدم تحديد الأولويات ومعالجة ما يحس به كثيرون من إعادة لمنظومة الماضى وسطوه وعدم احترام بعض الأجهزة للحريات المسئولة والإيمان بحرية الرأى كضمان.. أهم ضمانات قوة وسيادة الأوطان ـ وغيرها من السياسات والقرارات والقوانين التى تغلق الثغرات التى تستغلها المحاولات الآثمة لتفجير مصر من قلبها وما يحققه انفصام العروة الوثقى بين المصريين وجيشهم ـ وعدم تحقيق ما خرجت عشرات الملايين من أبطال الصمود الشعبى حفاظ مصر الحقيقيين، وطالبوا به ونادوا على تحقيقه فى ميادين وشوارع بلادهم فى 30/6 و3/7 و26/7 . وسلام على ثورة عظيمة وإرادة شعب واحترام واستجابة جيشهم لهذه الإرادة، هذا الاحترام الذى يجب أن يتأكد ويدعم بالقوانين والاجراءات والسياسات كل يوم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف