جريدة روزاليوسف
فادى عيد
مشاريع الهيمنة تتحطم على صخرة الجيش المصرى
كان من الضرورى أن نتوقف أمام اصرار أردوغان على التواجد العسكرى الدائم عبر قواعد عسكرية بقطر والصومال، وبعد عرضه الأخير على الرياض لإقامة قاعدة عسكرية تركية بالمملكة، أثناء محاولة وزير خارجيته للتوسط بين السعودية وقطر، ونتساءل ما الهدف من تلك القواعد رغم حالة التشتيت التى تمر بها قيادة الأركان التركية، والجيش التركى ككل جراء كم الاعتقالات التى نفذت ضد أكثر من ثلث جنرالات الجيش التركى. منذ البداية وكان السلطان أردوغان يسعى للسيطرة على المضايق فى الشرق الأوسط، فوضع حجر الأساس لقاعدة عسكرية فى قطر بالخليج العربى بالقرب من مضيق هرمز، وقاعدة عسكرية أخرى بالصومال أمام خليج عدن بالقرب من مضيق باب المندب، وقبل أن يدق المسمار الثالث بقناة السويس بعهد حكم جماعة الإخوان المسلمين لمصر، والذى كان كفيلاً لضمان ثبات خريطة توسعاته دون العبث بها، عندما التف أردوغان اقتصاديًا وتجاريًا حول قناة السويس باتفاقية الرورو التى تحرم قناة السويس من تحصيل حقها، بعد أن تتبع الشحنات والبضائع التركية مسارًا بريًا ولا تتوجه بالمرور من قناة السويس، قبل أن تلغى مصر الاتفاقية ومعها جماعة الإخوان أيضًا، ويتبخر الحلم الثالث للسلطان فى مضايق الأقليم. الآن ورغم ظروف تركيا الاقتصادية الصعبة، إلا أنه مازال أردوغان يسعى لتحقيق نفس الحلم المكلف ألا وهو السيطرة على مضايق الأقليم، ومجبرًا على التواجد العسكرى خارج حدود بلاده، فلماذا الإصرار إذن، ولماذا بات مجبرًا؟ فبالنسبة لقطر ومنذ ثلاثة أعوام على الأقل كان هناك مخطط للربط التام بين تركيا القوى العسكرية فى فلك الإسلام السياسى السنى والممول الأول لذلك التيار ألا وهى دولة قطر، وبخصوص التواجد فى الصومال، فيهدف أردوغان إلى تحقيق أكبر استفادة ممكنة من تصدير السلاح التركى للصومال ودول القرن والشرق إفريقى، ولكن تلك الأسباب ليست الوحيدة. فقد فرض تواجد عدو أردوغان اللدود بالخليج العربى «الإمارات العربية المتحدة» فى منطقة القرن الإفريقى، بعدما ازدادت أذرع الإمارات الأمنية والعسكرية والتنموية ثقلاً فى كل من إريتريا وجيبوتى والصومال وجزيرة سقطرى اليمنية، أن يكون متواجدًا بتلك الرقع المهمة، كى يظل فى المنافسة، فمازالت آثار الصفعة التى وجهتها له الإمارات باقية على وجهه، بعد أن صوت البرلمان الصومالى منتصف فبراير الماضى للموافقة على إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية بمدينة بربرة شمال غرب الصومال، قبل أن تحصل شركة «موانئ دبى» منذ عام على حق أمتياز بميناء بربرة لمدة ثلاثين عامًا. ولا يفوتنا توجه وفد تركى بيناير الماضى برئاسة أمير دانشر رئيس دائرة النقل بوزارة النقل التركية، وعبدالله سالم منسق وكالة التعاون والتنسيق التركية تيكا، أثناء اشتعال المعارك بميناء الحديدة اليمنى بين السعودية والحوثيين، كى تتولى تركيا عملية إدارة وتطوير بعض الموانئ والمرافئ اليمنية فى مقدمتها ميناء عدن، هنا حركت مصر قطعة مهمة جدًا على شطرنج البحر الأحمر اسمها «الأسطول الجنوبى». نتفهم جيدًا أن أردوغان يسعى لحلم السلطان، وبنفس الوقت مدى صعوبة موقفه بالداخل أمام المعارضة والأكراد، وتحديات دول الجوار، بخلاف الاحتدام مع أوروبا، وكما نعلم ذلك أردوغان أيضًا يعلم أن المستهدف فى كل ما يحدث بمكتب رعاية الإرهاب بالشرق الأوسط المسمى بدولة قطر هو نفسه خليفة الإرهابيين أردوغان الأول، ولذلك حرك أردوغان العسكرى التركى «الذى يرفض التوجه خارج حدوده، ولنا فى بيان الجيش التركى أثناء محاولة الانقلاب والذى تلخص فى سحب القوات التركية من العراق عبرة» نحو صحراء الخليج. وعند وصول أولى الطلائع العسكرية التركية للدوحة، ساروا على غرار الجنرال الفرنسى غورو «عندما ركل قبر صلاح الدين، قائلًا: ها قد عدنا يا صلاح الدين»، قائلين ها قد عدنا يا شريف مكة، نعم: إننا نعيش سايكس بيكو جديد، ولكن الأتراك ومن على شاكلتهم لن يجدوا أنفسهم فى المعركة المقبلة أمام أبناء الشريف الحسين بن على فقط، بل سيجدوا أنفسهم أمام أحفاد إبراهيم باشا التى لا تنساهم قونية وكوتاهية حتى الآن، فبعد انتهاء المهلة المتاحة لقطر للتخلص من رعايتها للإرهاب، سيترجم لكم كلامى على أرض الميدان حينما تجدو قاعدة عسكرية بالبحرين بها خير أجناد الأرض كى تكون أولى خطوط الدفاع عن أمن الخليج العربى أمام ميليشيات أردوغان والحرس الثورى ومرتزقة جنوب إفريقيا المتواجدين بقطر، فكما عودنا التاريخ كل مشاريع الهيمنة على الشرق تنكسر على صخرة اسمها الجيش المصرى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف