الأهرام
السفير محمد حجازى
سد النهضة بين إرادة التعاون ومخاطر الاختلاف
حددت مصر بشكل قاطع اسس خيار وحيد أمثل وعادل ومنصف للجميع للتعاون الشامل بين دول حوض النيل، والاهم للتعامل مع ملف سد النهضة ، فأوضح السيد الرئيس رؤيته فى كلمتة امام قمة حوض النيل الاولى بالعاصمة الاوغندية فى 22 يونيو الماضي، مشيرا الى اننا ندرك حاجة دول النهر التنموية وستقف مصر معهم فى معركة التنمية والاستقرار، ولكن دون اضرار بحياتنا ونهر النيل مصدرنا الوحيد للمياه. ومتابعة لاعمال القمة جاء اللقاء الذى تم فى أديس ابابا منذ ايام بين وزيرى خارجية مصر واثيوبيا ، ووصف بانه اتسم بالوضوح والمصارحة الكاملة ، والذى اكد فيه الوزير سامح شكرى الاهتمام الكبير الذى توليه مصر لضرورة إتمام المسار الفنى الخاص بدراسات سد النهضة وتأثيره على مصر فى اسرع وقت، وإزالة أى عقبات قد تعيق إتمام هذا المسار لتسهيل الانتهاء من الدراسات المطلوبة فى موعدها المقرر دون أى تأخير . وهكذا تكون رسالتنا للقمة واضحة تؤكد اختيارنا للتعاون مسارا اوحد لاطلاق طاقات النهر لصالح دوله، وان هذا المسار يجب ان يراعى لمصلحة المائية واستخداماتنا التاريخية الحالية ، فمثلت بذلك قمة دول حوض النيل الاولى علامة فارقة فى علاقات دول حوض النيل ، فهى تؤسس لمرحلة بدء عملية بناء الثقة والتمهيد لإطلاق طاقات النهر برؤية شاملة تخدم دوله كافة، وتشرع فى تنفيذ مشروعات عابرة للحدود تجمع دول النهر فى مجالات عديدة شاملة، والاهم تنسيق العلاقات المائية وادارة السدود بين البلدان الثلاثة بما يحفظ لدول المنابع الحق فى التنمية ويحفظ لمصر حقها فى الحياة.

حظيت القمة لذلك بأهمية خاصة لتعزيز التشاور والتوافق بين دول الحوض والاتفاق على مخرجات تسهم فى دفع مبادرة الرئيس الأوغندى موسيفنى من أجل تقريب وجهات النظر بين دول المنابع من جهة خاصة اثيوبيا، ووجهة نظر دول المصب وعلى رأسها مصر وفقا للقواعد القانونية الدولية. والمكسب الاهم كما أراه هو ان القمة أتاحت لمصر ان تضع امام القادة وممثليهم رؤيتها بشكل عادل ومتوازن ومنصف، كما ورد بكلمة الرئيس المهمة امام مجموع الدول، بمايأخذ فى الاعتبار مصالح كل دول النهر، فلا تتفرد دولة بعرض وجهة نظرها دون سواها فيتضرر موقفنا وتترسخ ثوابت موقف اثيوبى بالذات بدا غير مكترث بمصالح مصر تحديدا وكذا السودان، وبهذا الطرح المصرى المهم ومستوى شخص ناقله وحزمه تحددت معالم الموقف وأسس الحل المبنى على اساس الربح والخير للجميع دون مغالاة ،و ايضا استفادتنا من الحكمة الجمعية فى فكر القادة الافارقة، الذين يتحركون بعقلية حكماء القارة فيرفضون معا اى مساس بحقوق الافراد او الدول او حتى القبائل. عكست القمة اذا وعيا مصريا لمتطلبات التنمية لدول الحوض وعبرت عن فهم حكيم ان النهر هو اداة ربط وتعاون لا سبب للصراع والمواجهة، وان لُب قضايا المياه ليس شُح الموارد المائية ولكن اسلوب ادارتها، وتعد دعوة الرئيس لاستضافة القمة القادمة لدليل على ان مصر تختار دائما مسارات التفاهم والتعاون وأنها عازمة بالتعاون مع الاشقاء فى النهوض بالتنمية المؤسسة على تطوير مشروعات مشتركة تكون المياه احد جوانبها وليست العلاقة الوحيدة. والمطلوب الآن وحتى القمة الثانية لدول الحوض فى القاهرة استمرار الضغط لسرعة الانتهاء من المسار الفنى وعمل المكتب الاستشارى الفرنسى واعتماد التقرير الاستهلالى لعملها بما يوضح آثار السد على دولتى المصب ومصر تحديدا المتضرر الاول وبما يتماشى مع التزام قادة الدول الثلاث فى اتفاق اعلان المبادئ بشأن سد النهضة و الموقع فى الخرطوم فى 23 مارس2015. اما عن السودان فمن المهم المخاطبة عن أى مستجدات فى مسار العلاقات الثنائية وتلاقى الاجهزة المعنية لاستعادة روابط العلاقات والدور الميسر الذى لعبته الخرطوم لتقريب وجهات النظر المصرية والاثيوبية، وللابتعاد فى هذه المرحلة الحرجة عن المناكفات السياسية لاسيما وان القضية متصلة بملف وجودى كملف المياه، ولا أظن إن ذلك الموقف وآثارة وتبعاته بخافية.

ومطلوب كذلك بدء الخبراء فى ترجمة عملية لرؤية السيد الرئيس للتنمية المتكاملة وجعل خيار التعاون الاقليمى جاذبا للكل، فمن الآن وحتى القمة القادمة بالقاهرة يجب ان يشرع خبراؤنا فى ترجمة التعاون والتكامل لمشروعات مقترحة تخدم الجميع وتشمل كل آفاق التنمية ، وارى ان بحث مقترحى عن ممر التنمية لدول النيل الشرقى الذى يؤسس لعلاقة مستقرة لإدارة الموارد المائية بما يحفظ حق البلدان الثلاثة فى تحقيق علاقات تنموية مستقرة وأمن مائى يولد الطاقة لاثيوبيا وينظم النهر للسودان، ويحفظ حق مصر المستقر والتاريخى فى المياه.. وختاما ولعل تضمين ذلك كله فى ملف مصرى شامل يضم الرؤية التنموية الشاملة التى اقترحناها تماشيا مع دعوة الرئيس تضم فى القسم الفنى مايعود بالنفع على الدول الثلاث، هو ماقد يقرب المسافات ويتم طرحه على الاشقاء، وعلى الشركاء والمانحين، كرؤية توخت مصر من خلالها الخير للجميع، ولا ارى عنها بديلا لنا او للاشقاء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف