الوفد
م. حسين منصور
هيلموت كول.. ابن الحزبية والحرية
توفى المستشار الألمانى الأسبق هيلموت كول عن 87 عامًا حافلة بالأحداث والمعارك أبرزها توحيد شطرى ألمانيا والداعم الأكبر لوحدة أوروبا وعُملتها ورئيس الحزب الديموقراطى المسيحى لربع قرن وصاحب أطول فترة حكم فى المستشارية فى ألمانيا فى القرن الماضى «16» عامًا.
< واعترافًا بمجهود المستشار الألمانى الأسبق من أجل أوروبا أقيمت مراسم تأبين مهيبة وغير مسبوقة داخل البرلمان الأوروبى فى ستراسبورج يوم السبت الماضى بحضور رئيس المفوضية الأوروبية والرئيس الفرنسى ورئيس الوزراء الروسى والرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون إلى جانب المستشارة ميركل ونقل جثمان كول فى تابوت ملفوف بعلم الاتحاد الأوروبى من مسقط رأسه فى لود فيغسهافن وتبع مراسم التأبين والكلمات مراسم أصغر فى مدينته ليتمكن السكان من وداع ابنهم ثم تم نقل نعش كول إلى بلدة شباير على نهر الراين حيث تم دفنه فى مراسم خاصة للعائلة.
< كول هو أبرز مستشارى ألمانيا وهم فى جملتهم أعلام بارزة (أديناور ـ أيرهارد ـ برانت ـ مشرودر ـ ميركل) وكل منهم قصة طويلة فى التحصيل والدراسة والعمل المهنى والسياسى ومعارك الصعود والنضال والانتخاب.. علامات تصنعها الحرية والديموقراطية والمجتمع المفتوح والمنافسة الحرة العادلة وقيم الاجتهاد والجدية والعقل والابداع.
< ولد كول فى 1930 لعائلة كاثوليكية محافظة ،درس القانون فى فرانكفورت ودرس تاريخ العلوم السياسية بجامعة هايدلبرج ثم أصبح زميلًا فى معهد الفريد ويبر بعد تخرجه فى 1956 وحصل على شهادة الدكتوراه فى العلوم السياسية لإعادة هيكلة الأحزاب السياسية بعد 45 فى عام 1958.
< انضم كول فى 1946 للحزب الديموقراطى المسيحى المؤسس حديثًا وكان أحد مؤسسي فرع اتحاد الشباب فى لود فيغنسهافن وفى 1954 أصبح نائب رئيس اتحاد الشباب فى رانيلند بالاتينات وانتخب لرئاسة فرع الاتحاد الديموقراطى المسيحى فى لوفيغنسهافن فى 1959 وانتخب كأصغر عضو فى البرلمان الموحد لولاية راينلند بالاتينات.
< فى عام 1966 انتخب كول كرئيس للحزب فى الولاية ثم انتخب فى 1969 كرئيس وزراء لنفس الولاية وبعدها بأيام أصبح كول نائب رئيس الاتحاد الديموقراطى المسيحى على المستوى الاتحادى.. أكمل الاصلاحات الاقليمية للولاية ،ركز على المدارس والتعليم، أعاد تنظيم المقاطعات.
< دفع كول نحو إعادة هيكلة الحزب حال كونه عضوًا فى مجلس إدارة الحزب واللجنة التنفيذية داعمًا المواقف الليبرالية والسياسات الاجتماعية، ترشح لرئاسة الحزب وخسر لصالح بارزيل الذى خسر الانتخابات العامة فى 1972 وأعلن عدم ترشحه لرئاسة الحزب فخلفه كول فى مؤتمر الحزب فى يونية 1973.
< خاض كول صراعًا سياسيًا حول الترشح للمستشارية عن الاتحاد المسيحى الديموقراطى مع جوزيف ستراوس ونجح بالفعل فى الفوز بالترشح ولكن خلافات داخلية واسعة اثارها ستراوس أضعفت موقف الحزب فلم ينجح في الانتخابات، وفى انتخابات 80 خاضها كول ستراوس ب= على المستشارية فلم يستطع التغلب على هيلموت شميت.
< فى 1982 سحب المسيحى الديموقراطى الثقة من شميت بدعم الحزب الديموقراطى الحر ودعا كول لانتخابات عامة فى مارس 1983 فاز بأغلبية ساحقة ليشكل حكومته الثانية التى خلفت الأولى التى اصبح فيها مستشارًا لألمانيا خلفًا لشميت فى أعقاب سحب الثقة منه.
< فى سبتمبر 84 التقى كول ميتران فى فردان حيث وقعت المعركة الشهيرة بين فرنسا وألمانيا وكانت المصافحة الجريئة رمزًا للتسوية الفرنسية الألمانية ثم شكلا محورًا هامًا للتكامل الأوروبى حول معاهدة ماستريخت وايجاد اليورو.
< زار ألمانيا الشرقية فى 1988 تمهيدًا للوحدة الألمانية وفى أعقاب انهيار جدار برلين نظم معاهدة الاتحاد النقدى والاقتصادى والاجتماعى لألمانيا الموحدة وأقر استبدال المارك الشرقى مقابل مارك غربى مما أثار افلاسًا وبطالة فى ألمانيا الشرقية ورغم هذا تعلق به الألمان الشرقيون كمخلص لهم من الحكم الشيوعى وانتخب مستشارًا مرة ثالثة فى يناير 91 لألمانيا الموحدة.
< انتخب كول مرة رابعة فى 1994 ولكنه خسر أمام شرودر فى 98 ليحقق أطول مدة للمستشارية ورغم أنه يعتبرونه أبوألمانيا الموحدة وشجرة السنديان الضخمة إلا أنه عندما كشف تورطه فى تلقى تبرعات لحزبه من جهة مجهولة عبر ستة أعوام بين 93، 98 ولم يعرف الادعاء بأمر هذه التبرعات تعرض للتحقيق والمحاكمة وحكم عليه بدفع غرامة وليس السجن لعدم توفر أدلة تدينه مباشرة والشك فقط بإساءة استخدام السلطة ونزغ عنه لقب الرئيس الفخرى لحزبه.
< رحلة للحرية والتفتح والنضال والمسئولية ومعانٍ للمحاسبة لم تمنع قيمته ولا كونه أطول مستشار مدة فى حكم ألمانيا من أن تتم محاكمته ومحاسبته.. هكذا تصنع الحرية الأجيال وتنمو الأوطان وتكون الحزبية طريقًا ومدرسة للحكم والشفافية والديموقراطية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف