* انتصرت أوروبا على أمريكا الجنوبية مرتين فى مباراتين بكأس القارات. فهزمت ألمانيا تشيلى، وهزمت البرتغال المكسيك. وهو مؤشر جديد على التغيير الذى طرأ على كرة القدم، فقد باتت مهارة الفريق أهم وأكبر وأكثر تأثيرًا من مهارة الفرد. ومنذ عقود كانت مهارة بيليه أو مارادونا أو جارينشا تكفى لتفوق فريق. ولم يعد هو نفسه الحال الآن. فالأداء الجماعى يهزم مهارة أى فرد..
** نعم أهدرت تشيلى كل الفرص السهلة والصعبة. وبدا لاعبو بطل أمريكا الجنوبية فى غاية التوتر، وهم ينفردون بالمرمى الألمانى، فيسددون بالعرض، ويسددون «بالشمين»، ويسددون بالقصبة، وبالركبة، ويسددون فى الدفاع، ويسددون خارج المرمى. بينما الألمان يسرقون كرة من مارسيلو دياز بواسطة تيمو فيرنر ويمررها إلى لارس ستيندل ليسجل هدف المباراة الوحيد، بهدوء بالغ.. وقد كان الهدوء سمة من سمات أداء الفريق الألمانى.
** لم تكن تلك السمة الوحيدة. فالهدوء هو نتيجة الثقة والشعور بالتفوق، بما يملكه كل لاعب ألمانى من قوة، ولياقة بدنية، تسعفه وتسانده على التحرك المستمر. وكانت التحركات من أهم أسلحة الألمان، خاصة عند امتلاك الكرة، والبدء فى الهجوم المضاد. وهم جميعا تقريبا يتميزون بالطول والرشاقة والخفة.. ولعل المدربين فى مصر يبحثون فى تلك المعادلة. كيف يكون اللاعب قويا وطويلا ومغلفا بالعضلات وفى الوقت نفسه سريعا ورشيقا وخفيفا؟
** توج منتخب ألمانيا بكأس القارات لأول مرة فى تاريخه، نتيجة أداء الفريق على مدى البطولة. وهو استحق اللقب لذلك المستوى الذى ظهر به فى مبارياته. وقد خاض المنافسات بفريق شاب كله بدون اللاعبين الأساسيين، ويستعد لوف بهؤلاء لخوض كأس العالم فى روسيا عام 2018، وبقدر ما تعرض للنقد قبل القارات، ها هو يفوز بالثناء والتقدير على شجاعته.. فقد وصفت الصحف الإنجليزية الكرة الألمانية بأنها الأفضل فى العالم الآن ولا ينافسها منتخب آخر فى مختلف المراحل بعد فوز المناشافت الشاب ببطولة أوروبا تحت 21 سنة بدون خمسة لاعبين أساسيين شاركوا مع الفريق الأول فى كأس القارات.. وأصبحت الكرة الألمانية فى هذا العقد من القرن الحادى والعشرين ماركة مسجلة أو علامة تجارية مميزة.
** على الرغم من إعجاب «فيفا» بتجربة الفيديو، فإنها تثير الشك فى الحكم. وتفسد متعة اللعب. وأحيانًا تزيد من الاتهامات التى توجه إلى الحكام كما حدث مع حكم المباراة النهائية، الذى رجع إلى الفيديو، وشاهد كما هو مفترض، لاعب تشيلى جارا وهو يسدد لكمة هوك إلى لاعب ألمانى، ومع ذلك اكتفى بإنذاره وقد كان يستحق الطرد.. إذًا متى يطرد أى لاعب؟
** إن تجربة الفيديو لجأ إليها «فيفا» بعدما زادت حدة الانتقادات إلى الحكام، لكنها تضعفهم. أمام انتقادات أكبر من جانب المتعصبين، ومرضى كرة القدم الذين يعلقون كل فشل لهم على أداء الحكام وأخطاء الحكام فى زمن يعانى فيه الحكم من محاكمة 20 و30 كاميرا.
** فوز ألمانيا بكأس العالم 2014، وببطولة أوروبا للشباب أخيرا ثم كأس القارات، يمثل دعاية حضارية للدولة ذاتها. فالرياضة من وسائل الدول فى عرض قدراتها العلمية والحضارية والثقافية، وكلما حققت دولة انتصارات رياضية إقليمية أو قارية أو عالمية، فإن ذلك يمثل انتصارًا للمستوى العام للدولة.. لذلك تعد الرياضة سلاحًا مشروعًا.