الأهرام
مرسى عطا الله
لا توجد حرب دون خسائر!
إذا اتفقنا ـ والاتفاق واجب وحتمى على أننا فى حالة حرب على جبهتين متوازيتين هى جبهة الحرب ضد الإرهاب وجبهة الحرب لإصلاح الاقتصاد المصرى والعمل على استعادة عافيته فى أسرع وقت ممكن فإن علينا أن نهييء كل أسباب النصر والنجاح فى جبهتى القتال لأننا لا نملك خيارا آخر... وأظن أن أهم عوامل النصر والنجاح فى كلا الجبهتين يتمثل فى مدى القدرة على مصارحة النفس والذات بالحقيقة وتهيئة الرأى العام لتجديد الإدراك بأنه لا توجد حرب دون خسائر ولا يمكن بلوغ النصر دون تضحيات.

لعلى أكون أكثر وضوحا وأقول بكل الصدق وبكل صراحة: إن الأمور فى مصر لم تعد تحتمل مزيدا من السياسات الاقتصادية الشعبوية التى عايشناها سنوات طويلة بنظرية الهروب إلى الأمام وتأجيل المواجهة وهو ما يعنى استمرار تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لشعب مازال يسجل أعلى أرقام الزيادة السكانية فى العالم مما شكل خطرا كبيرا لم نجد له اليوم حلا سوى تلك الجراحات العاجلة والمؤلمة بتعويم الجنيه ورفع الأسعار وترشيد مخصصات الدعم.

إن سبيلنا الوحيد للخروج من عنق الزجاجة الذى حشرنا أنفسنا فيه سنوات طوالا هو جدية السير على طريق التنمية التى تتطلب استثمارات هائلة لتعظيم حجم الناتج القومى، وبالتالى فإن مدخرات الداخل وقروض الخارج يجب أن تخصص للمشروعات التنموية مهما كان إلحاح الحاجة إلى المشروعات الخدمية التى يمكن تأجيلها.

ولعل أحدا لا يخالفنى الرأى فى أن الاستقرار يتحقق بالمصارحة ومواجهة المشاكل قبل تفاقمها وليس بتأجيل وترحيل الحلول لمجرد ترضية الناس عن طريق استجداء المنح والمعونات وطلب المزيد من القروض وتعاظم الديون التى بلغت حدا يوشك أن يضعف ثقتنا بأنفسنا ويزيد من إحساسنا بعدم القدرة على تأمين احتياجاتنا الضرورية.

إن الحرب ضد الإرهاب والحرب ضد الانهيار المالى والاقتصادى والترهل الإدارى حروب ضرورية ومقدسة ولم تنته بعد ومن ثم وجب الكف عن الصياح والصراخ إدراكا بأنه لا يجب أن يعلو أى صوت على صوت المعركة... هكذا فعلت الأمم والشعوب الحية فلم تئن ولم تتوجع من أى شيء طالما أن الحرب لم تنته وتجربتنا بعد نكسة يونيو 1967 التى مكنتنا من العبور عام 1973 خير شاهد!

خير الكلام:

<< لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف